جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
وفي الارض ايات للموقنين
وفي الارض ايات للموقنين
يستهل ربنا( تبارك وتعالي) سوره الذاريات بقسم منه وهو سبحانه الغني عن القسم وجاء القسم بعدد من اياته الكونيه علي ان وعده لعباده وعد صادق, وان دينه الذي انزله علي فتره من الرسل, والذي اتمه في بعثه النبي والرسول الخاتم( صلي الله عليه وسلم) والذي سماه الاسلام, والذي لا يرتضي من عباده دينا سواه لهو حق واقع لاشك فيه. ثم عاود ربنا( تبارك اسمه) القسم مره اخري بالسماء ذات الحبك علي ان الناس مختلفون في امر يوم الدين بين مكذب ومصدق, وان المكذبين الذين شغلتهم الحياه الدنيا عن التفكير في مصيرهم بعد الموت يصرفون عن حقيقه هذا اليوم الرهيب, ثم تعرض الايات لمصير كل من المكذبين والمصدقين بالاخره, كما تعرض لعدد من صفات كل من الفريقين, ثم تعاود السوره في سياقها الاستدلال بعدد من الايات الكونيه الاخري في الارض وفي الانفس وفي الافاق علي ان وحي الله( تعالي) الي عباده في القران الكريم حق مطلق يجب علي الناس تصديقه كما يصدقون ما ينطقون هم انفسهم به...!!! ومن هذه الايات الكونيه التي استشهد بها الحق( تبارك وتعالي) علي صدق وحيه في اخر رسالاته وكتبه قوله( وهو اصدق القائلين): وفي الارض ايات للموقنين* فما هي ايات الله في الارض الداله علي طلاقه قدرته, وعظيم حكمته, واحاطه سلطانه وعلمه؟ ما هذه الايات التي استشهد بها( سبحانه وتعالي) وهو الغني عن كل شهاده علي صدق وحيه الذي انزله علي خاتم انبيائه ورسله؟ هذا الوحي الذي تعهد( سبحانه) بحفظه فحفظ علي مدي اربعه عشر قرنا او يزيد بنفس اللغه التي اوحي بها( اللغه العربيه), سوره سوره, وايه ايه, وكلمه كلمه, وحرفا حرفا, دون ادني زياده او نقصان, وهذا وحده من اعظم الشهادات علي صدق القران الكريم واعجازه, وعلي انه كلام الله الخالق, وعلي صدق الصادق الامين الذي تلقاه عن ربه, وعلي صدق نبوته ورسالته( صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي اله وصحبه وعلي من تبع هداه ودعا بدعوته الي يوم الدين) الدلاله اللغويه لالفاظ الايه الكريمه (الارض) في اللغه العربيه اسم جنس للكوكب الذي نحيا عليه, تمييزا له عن بقيه الكون, والذي يجمع تحت اسم السماوات او السماء, ولفظه( الارض) مونثه, والاصل ان يقال لها( ارضه) والجمع( ارضات) و(ارضون) بفتح الراء او بتسكينها, وقد تجمع علي( اروض) و( اراض), ولفظه( الاراضي) تستخدم علي غير قياس. ويعبر( بالارض) عن اسفل الشيء, كما يعبر بالسماء عن اعلاه, فكل ما سفل فهو( ارض), وكل ما علا فهو سماء, ويقال:( ارض اريضه) اي حسنه النبت, زكيه بينه الزكاء او( الاراضه), كما يقال:( تارض) النبت بمعني تمكن علي الارض فكثر, و(تارض) الجدي اذا تناول نبت( الارض), ويقال ايضا:( الارض النفضه) و( الارض الرعده) اي التي تنتفض وترتعد اثناء حدوث الهزات الارضيه والثورانات البركانيه. و( الارضه) بفتحتين دوده( دويبه) تاكل الخشب, يقال:( ارضت) الاخشاب( تورض)( ارضا) فهي( ماروضه) اذا اكلتها( الارضه), ولم تسم العرب فاعلا لهذا الفعل. الارض في القران الكريم جاء ذكر الارض في اربعمائه وواحد وستين(461) موضعا من كتاب الله, منها ما يشير الي الارض ككل في مقابله السماء, ومنها ما يشير الي اليابسه التي نحيا عليها كلها, او الي جزء منها,( واليابسه هي جزء من الغلاف الصخري للارض وهي كتل القارات السبع المعروفه والجزر المحيطيه العديده), ومنها ما يشير الي التربه التي تغطي صخور الغلاف الصخري للارض. وفي هذه الايات اشارات الي العديد من الحقائق العلميه عن الارض والتي يمكن تبويبها بايجاز علي النحو التالي: (1) ايات تامر الانسان بالسير في الارض, والنظر في كيفيه بدء الخلق, وهي اساس المنهجيه العلميه في دراسه علوم الارض. (2) ايات تشير الي شكل وحركات واصل الارض, منها ما يصف كرويه الارض, ومنها ما يشير الي دورانها, ومنها ما يوكد علي عظم مواقع النجوم منها, او علي حقيقه اتساع الكون و(الارض جزء منه), او علي بدء الكون بجرم واحد( مرحله الرتق), ثم انفجار ذلك الجرم الاولي( مرحله الفتق), او علي بدء خلق كل من الارض والسماء من دخان, او علي انتشار الماده بين السماء والارض( الماده بين الكواكب وبين النجوم وبين المجرات), او علي تطابق كل من السماوات والارض( اي تطابق الكون). (3) ايه قرانيه واحده توكد ان كل الحديد في كوكبنا الارض قد انزل اليها من السماء انزالا حقيقيا. (4) ايه قرانيه توكد حقيقه ان الارض ذات صدع, وهي من الصفات الاساسيه لكوكبنا. (5) ايات قرانيه تتحدث عن عدد من الظواهر البحريه المهمه من مثل ظلمات البحار والمحيطات( ودور الامواج الداخليه والسطحيه في تكوينها), وتسجير بعض هذه القيعان بحراره عاليه, وتمايز المياه فيها الي كتل متجاوره لا تختلط اختلاطا كاملا, نظرا لوجود حواجز افقيه وراسيه غير مرئيه تفصل بينها, ويتاكد هذا الفصل بين الكتل المائيه بصوره اوضح في حاله التقاء كل من المياه العذبه والمالحه عند مصاب الانهار, مع وجوده بين مياه البحر الواحد او بين مياه البحار المتصله ببعضها البعض (6) ايات قرانيه تتحدث عن الجبال, منها ما يصفها بانها اوتاد, وبذلك يصف كلا من الشكل الخارجي( الذي علي ضخامته يمثل الجزء الاصغر من الجبل) والامتداد الداخلي( الذي يشكل غالبيه جسم الجبل), كما يصف وظيفته الاساسيه في تثبيت الغلاف الصخري للارض, وفي اتزان دورانها حول محورها, وتتاكد هذه الوظيفه في اثنتين وعشرين ايه اخري, وردت بها كذلك اشارات الي عدد من الوظائف والصفات الاضافيه للجبال من مثل دورانها مع الارض, او تكوينها من صخور متباينه في الالوان والاشكال والهيئه. او دورها في انزال المطر, وتغذيه الانهار, وشق الاوديه والفجاج او في جريان السيول. (7) ايات قرانيه تشير الي نشاه كل من الغلافين المائي والهوائي للارض, وذلك باخراج مكوناتهما من باطن الارض, او تصف الطبيعه الرجعيه لغلافها الغازي, او توكد حقيقه ظلام الفضاء الكوني الخارجي, او علي تناقص الضغط الجوي مع الارتفاع عن سطح الارض, او علي تبادل الليل والنهار, وعلي رقه طبقه النهار حول نصف الارض المواجه للشمس, او علي ان ليل الارض كان في بدء خلقها مضاء كنهارها, ثم محي ضووه. (8) ايات تشير الي رقه الغلاف الصخري للارض, والي تسويه سطحه وتمهيده وشق الفجاج والسبل فيه, والي تناقص الارض من اطرافها. (9) ايات توكد اسكان ماء المطر في الارض مما يشير الي دوره المياه حول الارض وفي داخل صخورها, او توكد علاقه الحياه بالماء, او تلمح الي امكانيه تصنيف الكائنات الحيه. (10) ايات توكد ان عمليه الخلق قد تمت علي مراحل متعاقبه عبر فترات زمنيه طويله (11) ايات قرانيه تصف نهايه كل من الارض والسماوات وما فيهما( اي الكون كله) بعمليه معاكسه لعمليه الخلق الاول كما تصف اعاده خلقهما من جديد, ارضا غير الارض الحاليه وسماوات غير السماوات القائمه. هذه الحقائق العلميه لم تكن معروفه للانسان قبل هذا القرن, بل ان الكثير منها لم يتوصل الانسان اليه الا في العقود القليله المتاخره منه عبر جهود مضنيه, وتحليل دقيق لكم هائل من الملاحظات والتجارب العلميه في مختلف جنبات الجزء المدرك من الكون, وان السبق القراني في الاشاره الي مثل هذه الحقائق باسلوب يبلغ منتهي الدقه العلميه واللغويه في التعبير, والاحاطه والشمول في الدلاله ليوكد جانبا مهما من جوانب الاعجاز في كتاب الله, وهو جانب الاعجاز العلمي, ومع تسليمنا بان القران الكريم معجز في كل امر من اموره, الا ان الاعجاز العلمي يبقي من انجح اساليب الدعوه الي الله في عصر العلم والتقنيه الذي نعيشه. ومن هنا تتضح اهميه القران الكريم في هدايه البشريه في زمن هي احوج ما تكون الي الهدايه الربانيه. كما تتضح اهميه دراسات الاعجاز العلمي في كتاب الله مهما تعددت تلك المجالات العلميه, وذلك لان ثبات صدق الاشارات القرانيه في القضايا الكونيه من مثل اشاراته الي عدد من حقائق علوم الارض, وهي من الامور الماديه الملموسه التي يمكن للعلماء التجريبيين اثباتها لادعي الي التسليم بحقائق القران الاخري خاصه ما يرد منها في مجال القضايا الغيبيه والسلوكيه( من مثل قضايا العقيده والعباده والاخلاق والمعاملات) والتي تمثل ركائز الدين, ولا سبيل للانسان في الوصول الي قواعد سليمه لها والي ضوابط صحيحه فيها الا عن طريق بيان رباني خالص لا يداخله ادني قدر من التصور البشري. من ايات الله في خلق الارض وجعلها صالحه للعمران الارض هي احد افراد المجموعه الشمسيه التي تتكون من تسعه كواكب, اساسيه, يدور كل منها حول نفسه, ويجري في مدار محدد له حول الشمس, وهناك مدار للكويكبات بين كل من كوكبي المريخ والمشتري يعتقد انها بقايا لكوكب عاشر قد انفجر, وهناك احتمال بوجود كوكب حادي عشر لم يتم كشفه او رصده بعد, ولكن تم التوقع بوجوده بواسطه الحسابات الفلكيه. وكواكب المجموعه الشمسيه المعروفه لنا هي من الداخل الي الخارج علي النحو التالي: عطارد, الزهره, الارض, المريخ, الكويكبات, المشتري, زحل, يورانوس, نبتيون, بلوتو, بروسوبينا( اوبريينا). وهناك بعد ذلك نطق المذنبات التي تدور حول الشمس في مدارات مغلقه او مفتوحه علي مسافات بعيده جدا وتعتبر جزءا من المجموعه الشمسيه. ويقدر متوسط المسافه بين الشمس واقرب كواكبها( عطارد) بحوالي58 مليون كيلو متر( بين46 مليون,69 مليون كيلو متر), ويقدر متوسط المسافه بين الارض والشمس بحوالي150 مليون كيلو متر, ويبعد بلوتو عن الشمس بمسافه تقدر في المتوسط بحوالي6000 مليون كيلو متر, ويقدر متوسط بعد الكوكب المقترح بروسوبينا بحوالي ضعف هذه المسافه(12 بليون كيلو متر), ويبعد نطاق المذنبات عن الشمس عشرات اضعاف المسافه الاخيره. وعلي ذلك فالارض هي ثالثه الكواكب بعدا عن الشمس, وهي تجري حول الشمس في فلك بيضاني( اهليلجي) قليل الاستطاله بسرعه تقدر بحوالي30 كيلو متر في الثانيه(29,6 كيلو مترا في الثانيه) لتتم دورتها هذه في سنه شمسيه مقدارها365,25 يوم تقريبا, وتدور حول نفسها بسرعه مقدارها حوالي30 كيلو مترا في الدقيقه(27,8 كيلو متر في الدقيقه) عند خط الاستواء فتتم دورتها هذه في يوم مقداره24 ساعه تقريبا, يتقاسمه ليل ونهار, بتفاوت يزيد وينقص حسب الفصول, التي تنتج بسبب ميل محور دوران الارض علي دائره البروج بزاويه مقدارها ست وستون درجه ونصف تقريبا, ويعزي للسبب نفسه تتابع الدورات الزراعيه, وهبوب الرياح, وهطول الامطار, وفيضان الانهار باذن الله. والارض كوكب فريد في كل صفه من صفاته, مما اهله بجداره ان يكون مهدا للحياه الارضيه بكل مواصفاتها, ولعل هذا التاهيل هو احد مقاصد الايه القرانيه الكريمه التي يقول فيها الحق( تبارك وتعالي) وفي الارض ايات للموقنين ولعل من اوضح هذه الايات البينات ما يلي: اولا: بعد الارض عن الشمس: يقدر متوسط المسافه بين الارض والشمس بحوالي مائه وخمسين مليونا من الكيلو مترات, وقد استخدمت هذه المسافه كوحده فلكيه للقياس في فسحه الكون, ولما كانت كميه الطاقه التي تصل من الشمس الي كل كوكب في مجموعتها تتناسب تناسبا عكسيا مع بعد الكوكب عن الشمس, وكذلك تتناسب سرعه جريه في مداره حولها, بينما يتناسب طول سنه الكوكب تناسبا طرديا مع بعده عنها( وسنه الكوكب هي المده التي يستغرقها في اتمام دوره كامله حول الشمس), اتضحت لنا الحكمه البالغه من تحديد بعد الارض عن الشمس, فقد قدرت الطاقه التي تشعها الشمس من كل سنتيمتر مربع علي سطحها بحوالي عشره احصنه ميكانيكيه, ولا يصل الارض سوي جزء واحد من بليوني جزء من هذه الطاقه الهائله, وهو القدر المناسب لنوعيه الحياه الارضيه, ولتنشيط القوي الخارجيه التي تعمل علي تسويه سطح الارض, وتكوين التربه, وتحريك دوره المياه حول الارض, وغير ذلك من الانشطه الارضيه. ولطاقه الشمس الاشعاعيه صور عديده اهمها: الضوء الابيض, والحراره( الاشعه تحت الحمراء), والاشعه السينيه, والاشعه فوق البنفسجيه, ونسب هذه المكونات للطاقه الشمسيه ثابته فيما بينها, وان اختلفت كميه الاشعاع الساقط علي اجزاء الارض المختلفه باختلاف كل من الزمان والمكان. وحزمه الضوء الابيض تتكون من الاطياف السبعه( الاحمر, والبرتقالي, والاصفر, والاخضر, والازرق, والنيلي, والبنفسجي) وتقدر نسبتها في الاشعه الشمسيه التي تصل الي الارض بحوالي38%, ولها اهميه بالغه في حياه كل من النبات والحيوان والانسان, وتبلغ اقصي مدي عند منتصف النهار عموما, وعند منتصف نهار الصيف خصوصا, لان قوه اناره اشعه الشمس لسطح الارض تبلغ في الصيف ضعفي ما تبلغه في الشتاء. اما الاشعه تحت الحمراء فتقدر نسبتها في اشعه الشمس التي تصل الي الارض بحوالي53%, ولها دورها المهم في تدفئه الارض وما عليها من صور الحياه, وفي كافه العمليات الكيميائيه التي تتم علي سطح الارض وفي غلافها الجوي, الذي يرد عنا قدرا هائلا من حراره الشمس, فكثافه الاشعاع الشمسي والتي تقدر بحوالي2 سعر حراري علي كل سنتيمتر مربع من جو الارض في المتوسط يتشتت جزء منها بواسطه جزيئات الهواء, وقطرات الماء, وهباءات الغبار السابحه في جو الارض, ويمتص جزء اخر بواسطه كل من غاز الاوزون وبخار الماء, ومتوسط درجه الحراره علي سطح الارض يقدر بحوالي عشرين درجه مئويه وان تراوحت بين حوالي74 درجه مئويه تحت الصفر في المناطق القطبيه المتجمده و55 درجه مئويه في الظل في اشد المناطق والايام قيظا. اما الاشعه فوق البنفسجيه فتقدر نسبتها بحوالي9% من مجموع اشعه الشمس التي تصل الي الارض وذلك لان غالبيتها تمتص او ترد بفعل كل من النطاق المتاين ونطاق الاوزون الذي جعلهما ربنا( تبارك وتعالي) من نطق الحمايه للحياه علي الارض, ويقدر ما يصل الي الارض من طاقه الشمس بحوالي ثلاثه عشر مليون حصانا ميكانيكيا علي كل كيلو متر مربع من سطح الارض في كل ثانيه وتقدر قيمته ببلايين الدولارات مما لا قبل للبشريه كلها بتحمله او وفاء شكر الله عليه...!!! ولو كانت الارض اقرب قليلا الي الشمس لكانت كميه الطاقه التي تصلها كافيه لاحراق كافه صور الحياه علي سطحها, ولتبخير مياهها, ولخلخله غلافها الغازي. فكوكب عطارد الذي يقع علي مسافه تقدر بحوالي0,39 من بعد الارض عن الشمس تتراوح درجه حراره سطحه بين220 درجه مئويه في وجهه المضيء و27 درجه مئويه في وجهه المظلم, وكوكب الزهره الذي يقع علي مسافه تقدر بحوالي0,72 من بعد الارض عن الشمس تصل درجه الحراره علي سطحه الي457 درجه مئويه(730 درجه مطلقه). وعلي النقيض من ذلك فان الكواكب الخارجه عن الارض( المريخ, المشتري, زحل, يورانوس, نبتيون, بلوتو) لا يصلها قدر كاف من حراره الشمس فتعيش في بروده قاتله لا تقوي الحياه الارضيه علي تحملها. ولذلك فانه من الواضح ان بعد الارض عن الشمس قد قدره ربنا( تبارك وتعالي) بدقه بالغه تسمح للارض بتلقي قدر من طاقه الشمس يتناسب تماما مع حاجات جميع الكائنات الحيه علي سطحها, وفي كل من مياهها, وهوائها بغير زياده او نقصان الا في الحدود الموائمه لطبيعه الحياه الارضيه في مختلف فصول السنه. فلو كانت الارض علي مسافه من الشمس تقدر بنصف بعدها الحالي لزادت كميه الطاقه التي تتلقاها ارضنا منها الي اربعه امثال كميتها الحاليه ولادي ذلك الي تبخير الماء وخلخله الهواء واحتراق جميع صور الحياه علي سطحها..!!! ولو كانت الارض علي ضعف بعدها الحالي من الشمس لنقصت كميه الطاقه التي تتلقاها الي ربع كميتها الحاليه, وبالتالي لتجمدت جميع صور الحياه واندثرت بالكامل. وباختلاف بعد الارض عن الشمس قربا او بعدا يختلف طول السنه, وطول كل فصل من الفصول نقصا او زياده مما يودي الي اختلال ميزان الحياه علي سطحها, فسبحان من حدد للارض بعدها عن الشمس وحفظها في مدارها المحدد وحفظ الحياه علي سطحها من كل سوء...!!! ثانيا: ابعاد الارض: يقدر حجم الارض بحوالي مليون كيلو متر مكعب, ويقدر متوسط كثافتها بحوالي5,52 جرام للسنتيمتر المكعب, وعلي ذلك فان كتلتها تقدر بحوالي السته الاف مليون مليون مليون طن, ومن الواضح ان هذه الابعاد قد حددها ربنا( تبارك وتعالي) بدقه وحكمه بالغتين, فلو كانت الارض اصغر قليلا لما كان في مقدورها الاحتفاظ باغلفتها الغازيه, والمائيه, وبالتالي لاستحالت الحياه الارضيه, ولبلغت درجه الحراره علي سطحها مبلغا يحول دون وجود اي شكل من اشكال الحياه الارضيه, وذلك لان الغلاف الغازي للارض به من نطق الحمايه ما لا يمكن للحياه ان توجد في غيبتها, فهو يرد عنا جزءا كبيرا من حراره الشمس واشعتها المهلكه, كما يرد عنا قدرا هائلا من الاشعه الكونيه القاتله, وتحترق فيه بالاحتكاك بمادته اجرام الشهب واغلب ماده النيازك, وهي تهطل علي الارض كحبات المطر في كل يوم. ولو كانت ابعاد الارض اكبر قليلا من ابعادها الحاليه لزادت قدرتها علي جذب الاشياء زياده ملحوظه مما يعوق الحركه, ويحول دون النمو الكامل لاي كائن حي علي سطحها ان وجد, وذلك لان الزياده في جاذبيه الارض تمكنها من جذب المزيد من صور الماده والطاقه في غلافها الغازي فيزداد ضغطه علي سطح الارض, كما تزداد كثافته فتعوق وصول القدر الكافي من اشعه الشمس الي الارض, كما قد تودي الي احتفاظ الارض بتلك الطاقه كما تحتفظ بها الصوب النباتيه علي مر الزمن فتزداد باستمرار وترتفع حرارتها ارتفاعا يحول دون وجود اي صوره من صور الحياه الارضيه علي سطحها. ويتعلق طول كل من نهار وليل الارض وطول سنتها, بكل من بعد الارض عن الشمس, وبابعادها ككوكب يدور حول محوره, ويجري في مدار ثابت حولها. فلو كانت سرعه دوران الارض حول محورها امام الشمس اعلي من سرعتها الحاليه لقصر طول اليوم الارضي( بنهاره وليله) قصرا مخلا, ولو كانت ابطا من سرعتها الحاليه لطال يوم الارض طولا مخلا, وفي كلتا الحالتين يختل نظام الحياه الارضيه اختلالا قد يودي الي افناء الحياه علي سطح الارض بالكامل, ان لم يكن قد ادي الي افناء الارض ككوكب افناء تاما, وذلك لان قصر اليوم الارضي او استطالته( بنهاره وليله) يخل اخلالا كبيرا بتوزيع طاقه الشمس علي المساحه المحدده من الارض, وبالتالي يخل بجميع العمليات الحياتيه من مثل النوم واليقظه, والتنفس والنتح, وغيرها, كما يخل بجميع الانشطه المناخيه من مثل الدفء والبروده, والجفاف والرطوبه, وحركه الرياح والاعاصير والامواج, وعمليات التعريه المختلفه, ودوره المياه حول الارض وغيرها من انشطه. كذلك فلو لم تكن الارض مائله بمحورها علي مستوي مدار الشمس ما تبادلت الفصول, واذا لم تتبادل الفصول اختل نظام الحياه علي الارض. وبالاضافه الي ذلك فان تحديد مدار الارض حول الشمس بشكله البيضاني( الاهليلجي), وتحديد وضع الارض فيه قربا وبعدا علي مسافات منضبطه من الشمس يلعب دورا مهما في ضبط كميه الطاقه الشمسيه الواصله الي كل جزء من اجزاء الارض وهو من اهم العوامل لجعلها صالحه لنمط الحياه المزدهره علي سطحها, وهذا كله ناتج عن الاتزان الدقيق بين كل من القوه الطارده( النابذه) المركزيه التي دفعت بالارض الي خارج نطاق الشمس, وشده جاذبيه الشمس لها, ولو اختل هذا الاتزان باقل قدر ممكن فانه يعرض الارض اما للابتلاع بواسطه الشمس حيث درجه حراره قلبها تزيد عن خمسه عشر مليونا من الدرجات المطلقه, او تعرضها للانفلات من عقال جاذبيه الشمس فتضيع في فسحه الكون المتراميه فتتجمد بمن عليها وما عليها, او تحرق بواسطه الاشعه الكونيه, او تصطدم بجرم اخر, او تبتلع بواسطه نجم من النجوم, والكون من حولنا مليء بالمخاطر التي لا يعلم مداها الا الله( تعالي), والتي لا يحفظنا منها الا رحمته( سبحانه وتعالي) ويتمثل جانب من جوانب رحمه الله بنا في عدد من السنين المحدده التي تحكم الارض كما تحكم جميع اجرام السماء في حركه دقيقه دائبه لا تتوقف ولا تتخلف حتي يرث الله الارض ومن عليها. ثالثا: بنيه الارض: اثبتت دراسات الارض انها تنبني من عده نطق محدده حول كره مصمته من الحديد والنيكل تعرف باسم لب الارض الصلب( الداخلي) ولهذا اللب الصلب كما لكل نطاق من نطق الارض دوره في جعل هذا الكوكب صالحا للعمران بالحياه الارضيه في جميع صورها. وتقسم النطق الداخليه للارض علي اساس من تركيبها الكيميائي او علي اساس من صفاتها الميكانيكيه باختلافات بسيطه بين العلماء, وتترتب بنيه الارض من الداخل الي الخارج علي النحو التالي: (1) لب الارض الصلب( الداخلي): وهو عباره عن نواه صلبه من الحديد(90%) وبعض النيكل(9%) مع قليل من العناصر الخفيفه من مثل الفوسفور, الكربون, السيليكون(1%), وهو نفس تركيب النيازك الحديديه تقريبا. ويبلغ قطر هذه النواه حوالي2402 كيلو متر, ويمتد نصف قطرها من مركزها علي عمق6371 كيلو مترا الي عمق5170 كيلو مترا تحت سطح الارض. ولما كانت كثافه الارض في مجموعها تقدر بحوالي5,52 جرام للسنتيمتر المكعب, بينما تختلف كثافه قشره الارض بين2,7 جرام للسنتيمتر المكعب, وحوالي3 جرامات للسنتيمتر المكعب, فان الاستنتاج المنطقي يودي الي ان كثافه لب الارض لابد وان تتراوح بين10 و13,5 جرام للسنتيمتر المكعب. (2) نطاق لب الارض السائل( الخارجي): وهو نطاق سائل يحيط باللب الصلب, وله نفس تركيبه الكيميائي تقريبا وان كانت مادته منصهره, ويبلغ سمكه2275 كيلو مترا( من عمق5170 كيلو مترا الي عمق2885 كيلو مترا تحت سطح الارض), ويفصل هذا النطاق عن اللب الصلب منطقه انتقاليه يبلغ سمكها450 كيلو مترا تمثل بدايات عمليه الانصهار وعلي ذلك فهي شبه منصهره( وتمتد من عمق5170 كيلو مترا الي عمق4720 كيلو مترا تحت سطح الارض) ويكون كل من لب الارض الصلب ولبها السائل حوالي31% من كتلتها. (3),(4),(5) نطق وشاح الارض: يحيط وشاح الارض بلبها السائل, ويبلغ سمكه حوالي2765 كيلو مترا( من عمق2885 كيلو مترا الي عمق120 كيلو مترا تحت سطح الارض), ويفصله الي ثلاثه نطق مميزه مستويان من مستويات انقطاع الموجات الاهتزازيه الناتجه عن الزلازل, يقع احدهما علي عمق670 كيلو مترا, ويقع الاخر علي عمق400 كيلو متر من سطح الارض, وبذلك ينقسم وشاح الارض الي وشاح سفلي( يمتد من عمق2885 كيلو متر الي عمق670 كيلو متر تحت سطح الارض), ووشاح متوسط( يمتد من عمق670 كيلو مترا الي عمق400 كيلو مترا تحت سطح الارض), ووشاح علوي( يمتد من عمق400 كيلو مترا الي عمق يتراوح بين65 كيلو مترا تحت المحيطات, وعمق120 كيلو مترا تحت سطح القارات). وقمه الوشاح العلوي( من عمق65 120 كيلو مترا الي عمق200 كيلو متر تحت سطح الارض) يعرف باسم نطاق الضعف الارضي لوجوده في حاله لزجه, شبه منصهره( اي منصهره انصهارا جزئيا في حدود نسبه1%). (6),(7) الغلاف الصخري للارض ويتراوح سمكه بين65 كيلو مترا تحت قيعان البحار والمحيطات,120 كيلو مترا تحت القارات, ويقسمه خط انقطاع الموجات الاهتزازيه المسمي باسم الموهو الي قشره الارض والي ما تحت قشره الارض وتمتد قشره الارض الي عمق يتراوح بين5 و8 كيلو مترات تحت قيعان البحار والمحيطات, وبين60 و80 كيلو مترا تحت القارات, ويمتد ما تحت القشره الي عمق120 كيلو مترا تحت سطح الارض. وللارض مجال جاذبيه يزداد مع العمق حتي يصل الي قمته عند الحد الفاصل بين وشاح الارض ولبها( علي عمق2885 كيلو مترا تحت سطح الارض) ثم يبدا في التناقص( بسبب الجذب الذي يحدثه عمود الصخور فوق هذا العمق) حتي يصل الي الصفر في مركز الارض. ولولا جاذبيه الارض لهرب منها غلافها الغازي, ولو حدث ذلك ما امكنها ان تكون صالحه لاستقبال الحياه, وذلك لان هناك حدا ادني لسرعه الهروب من جاذبيه الارض يقدر بحوالي11,2 كيلو متر في الثانيه, بمعني ان الجسم لكي يستطيع الافلات من جاذبيه الارض فعليه ان يتحرك في عكس اتجاه الجاذبيه بسرعه لا تقل عن هذه السرعه. ولما كانت حركه جسيمات الماده في الغلاف الغازي للارض اقل من تلك السرعه بكثير فقد امكن للارض( بتدبير من الله تعالي) ان تحتفظ بغلافها الغازي, ولو فقدته ولو جزئيا لاستحالت الحياه علي الارض, ولامطرت بوابل من الاشعات الكونيه والشمسيه, ولرجمت بملايين من النيازك التي كانت كفيله بتدميرها...!!! كذلك فان للارض مجالا مغناطيسيا ثنائي القطبيه, يعتقد ان له صله وثيقه بلب الارض الصلب وحركه اطاره السائل من حوله, ويتولد المجال المغناطيسي للارض كما يتولد لاي جسم اخر من حركه المكونات فيها وفيه, وذلك لان الجسيمات الاوليه للماده( وهي في غالبيتها مشحونه بالكهرباء) تتحرك سواء كانت طليقه او مرتبطه في داخل ذرات الماده, وهي حينما تتحرك تولد مجالا مغناطيسيا, والمجال المغناطيسي لايه نقطه في فسحه الكون يمثل بمحصله اتجاه تمتد من القطب المغناطيسي الجنوبي للماده الي قطبها الشمالي في حركه معاكسه لاتجاه عقرب الساعه ومماثله لحركه الطواف حول الكعبه المشرفه. والمجال المغناطيسي للارض كون لها( باراده الله تعالي) غلافا مغناطيسيا يعرف باسم النطاق المغناطيسي للارض وهو يلعب دورا مهما في حمايه الارض من الاشعه الكونيه بتحكمه في حركه الجسيمات المشحونه القادمه الينا من فسحه الكون فيجعلها تدور من احد قطبي الارض المغناطيسيين الي الاخر دون الدخول الي المستويات المنخفضه من غلافها الغازي. ويمتد المجال المغناطيسي للارض الي مسافه تقدر بخمسين الف كيلو متر فوق سطحها, وكونت الجسيمات المشحونه القادمه من السماء والتي اسرها المجال المغناطيسي للارض زوجين من احزمه الاشعاع هلالي الشكل علي ارتفاع الفي كيلو متر وخمسين الف كيلو متر علي التوالي يحيط كل زوج منهما بالارض من احدي جهاتها, ويحيط الزوج الاخر من الجهه الاخري وهذه الحلقات من احزمه الاشعاع تحاصر الارض مع مستوي مركزي منطبق علي المستوي الاستوائي المغناطيسي لها, وتحميها من وابل الاشعه الكونيه المتساقط باتجاهها في كل لحظه, ولولا هذه الحمايه الربانيه لهلكنا وهلكت جميع صور الحياه من حولنا, والجرعه الاشعاعيه في احزمه الاشعاع تلك عاليه الشده لا تطيقها ايه صوره من صور الحياه الارضيه, وتبلغ الشده الاشعاعيه مداها في نطاق المنطقه الاستوائيه للحزام الاشعاعي للارض. وللارض كذلك نشاط ديناميكي يتمثل في حركه الواح الغلاف الصخري لها, الممزق بشبكه هائله من الصدوع, وتتحرك تيارات الحمل العنيفه المندفعه من نطاق الضعف الارضي لتحرك تلك الالواح اما متباعده عن بعضها البعض فتكون قيعان البحار والمحيطات وتساعد علي عمليه اتساعها وتجديد مادتها باستمرار, واما مصطدمه مع بعضها البعض فتكون السلاسل الجبليه, وتصاحب العمليتان بتكون السلاسل الجبليه وبالعديد من الهزات الارضيه, والثورانات البركانيه التي تثري سطح الارض بالخيرات المعدنيه والصخريه المختلفه. والجبال لعبت ولاتزال تلعب دورا رئيسيا في تثبيت الغلاف الصخري للارض, ولولا هذا التثبيت ما تكونت التربه, ولا دارت دوره المياه, ولا خزنت المياه تحت السطحيه, ولا نبتت نبته, ولا امكن لكائن حي ان يستقر علي سطح الارض. كذلك لعبت الجبال ولاتزال تلعب دورا مهما في تثبيت الارض ككوكب يدور حول نفسه, وتقلل من درجه ترنحه كما تقلل قطع الرصاص التي توضع في اطارات السيارات من معدل ترنحها. ولولا نطاق الضعف الارضي ما امكن لهذه العمليات الداخليه للارض ان تتم, وهي من ضرورات جعلها صالحه للعمران. هذه بعض ايات الله في الارض وهي اكثر من ان تحصي في مقال واحد, اشارت اليها هذه الايه الكريمه التي يقول فيها ربنا( تبارك وتعالي): وفي الارض ايات للموقنين* فسبحان من خلق الارض بهذا القدر من الاحكام والاتقان, وترك فيها من الايات ما يشهد لخالقها بطلاقه القدره, واحكام الصنعه, وشمول العلم كما يشهد له( تعالي) بجلال الربوبيه وعظمه الالوهيه, والتفرد بالوحدانيه, وسبحان الذي انزل هذه الايه الكريمه المعجزه من قبل الف واربعمائه سنه ولم يكن لاحد من الخلق المام بتلك الايات الارضيه والتي لم تتكشف اسرارها للانسان الا منذ عقود قليله من الزمان, وفي ذلك من الشهادات القاطعه بان القران الكريم هو كلام الله الخالق, وان نبينا محمدا( صلي الله عليه واله وسلم) هو خاتم انبياء الله ورسله, وانه( صلوات الله وسلامه عليه) كان موصولا بالوحي, ومعلما من قبل خالق السماوات والارض, وصدق الله العظيم اذ يصفه بقوله الحق: وما ينطق عن الهوي* ان هو الا وحي يوحي* علمه شديد القوي* ذو مره فاستوي* وهو بالافق الاعلي* ثم دنا فتدلي* فكان قاب قوسين او ادني* فاوحي الي عبده ما اوحي* (النجم:3 10) |
أدوات الموضوع | |
|
|