جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كانما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس علي الذين لا يومنون*
فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كانما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس علي الذين لا يومنون* جاءت هذه الايه الكريمه في الثلث الاخير من سوره الانعام, وهي سوره مكيه, شانها شان كل السور المكيه التي تركز علي قضيه العقيده, وهي قضيه وجود الانسان في هذه الحياه, وقضيه مصيره بعدها, فعلي اساس من العقيده يحدد كل انسان منا دوره في هذه الحياه, كما يحدد علاقاته فيها مع نفسه, ومع خالقه, ومع الكون, ومع جميع من فيه وما فيه....!! ومن هنا كانت اهميه العقيده, التي افرد لها القران الكريم مساحه كبيره في كل من المكان والزمان: في كل السور والايات المكيه, وفي عمر الدعوه المحمديه التي قضي فيها المصطفي( صلي الله عليه وسلم) ثلاث عشره سنه يدعو الناس الي عباده الله تعالي وحده بغير شريك ولا شبيه ولا منازع, والي اخلاص العبوديه له, وتنزيهه( تعالي) عن كل وصف لا يليق بجلال ربوبيته والوهيته ووحدانيته, والي الايمان بملائكته, وكتبه ورسله, وبالقدر خيره وشره, وباليوم الاخر وبما فيه من بعث ونشور, وحساب وميزان وصراط, وخلود في حياه قادمه اما في الجنه ابدا او في النار ابدا, وما يستتبعه كل ذلك من الخضوع بالطاعه لله, وعبادته( تعالي) بما امر مع حسن القيام بواجبات الاستخلاف في الارض, واقامه عدل الله فيها, وهذه هي رساله الدين من لدن ابينا ادم( عليه السلام) الي بعثه المصطفي( صلي الله عليه وسلم) والي ان يرث الله( تعالي) الارض ومن عليها. وركائز الدين اما من الغيب المطلق كقضيه العقيده, او من الاوامر الالهيه المطلقه كقضيه العباده, او من ضوابط السلوك كقضيتي الاخلاق والمعاملات, ولما كان الانسان عاجزا دوما عن ان يضع لنفسه بنفسه ضوابط صحيحه في اي من هذه القضايا كانت ضروره الدين لكي يستقيم وجوده في هذه الحياه, ولكي يتمكن من تحقيق رسالته فيها. والدين بركائزه الاربع الاساسيه لا يمكن ان يكون صناعه بشريه, بل الانسان محتاج فيه الي الهدايه الربانيه, تلك الهدايه التي انزلها الله( تعالي) باسم الاسلام, علي فتره من الرسل, وبينها للناس بواسطه جيش من الانبياء فاق عدده المائه والعشرين الفا, واتمها في الرساله الخاتمه التي بعث بها الرسول الخاتم والنبي الخاتم( صلي الله عليه وسلم) وهي الرساله السماويه التي تعهد ربنا( تبارك وتعالي) بحفظها, فحفظت بنفس اللغه التي اوحيت بها, ومن هنا كان القرار الالهي الذي انزله ربنا( تبارك وتعالي) من فوق سبع سماوات, ومن قبل اربعه عشر قرنا بقوله( عز من قائل): ان الدين عند الله الاسلام وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم, ومن يكفر بايات الله فان الله سريع الحساب*( ال عمران:19) ومن هنا ايضا كان التاكيد علي هذا القرار الالهي بقول الحق( تبارك وتعالي) وفي نفس السوره: ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخره من الخاسرين*( ال عمران:85) ومن هذا المنطلق جاءت الايه الكريمه التي نحن بصددها والتي يقول فيها ربنا( سبحانه وتعالي): فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كانما يصعد في السماء.....*( الانعام:125) ويعجب الانسان لهذا التشبيه القراني المعجز الذي يقابل بين ضيق صدر العازفين عن الهدايه الربانيه, كلما ذكروا بها, وضيق صدر الذي يصعد في السماء بغير وسيله واقيه, وهي حقيقه لم يدركها الانسان في ابعادها الصحيحه الا بعد ريادته للفضاء, وقبل الدخول في تفصيل المغزي العلمي لهذا التشبيه القراني لابد من توضيح الدلالات اللغويه والقرانيه لعدد من الالفاظ الوارده في الايه الكريمه وهذا ما سوف نفصله في الاسطر القليله التاليه. الدلالات اللغويه لبعض الفاظ الايه الكريمه بالنسبه للفعل( يشرح) في قول الحق( تبارك وتعالي): يشرح صدره فان( الشرح) في اللغه هو الكشف والبسط واظهار الغامض والخافي من المعاني. يقال:( شرح) المشكل او الغامض من الامر( يشرحه)( شرحا) اي فسره, وبسطه, واظهر ما خفي من معانيه, و(شرح) الله صدره للاسلام( فانشرح) اي انبسط في رضا وارتياح للنور الالهي والسكينه الروحيه لان من معاني( شرح) الصدر توسعته. اما عن( الصدر الضيق الحرج) فاصل( الحرج) و(الحراج) مجتمع الاشياء من مثل الشجر ونحوه, ومن هنا تصور منه ضيق ما بينها, فقيل للضيق( حرج), وللاثم( حرج) واستخدام فعل( التحريج) بمعني التضييق, ويقال للغيضه الملتفه الاشجار التي يصعب دخولها:( حرجه), وعلي ذلك فان( الحرج) في اللغه هو الضيق بل ضيق الضيق, يقال مكان( حرج) بكسر الراء وفتحها اي ضيق كثير الشجر, و(الحرج) و(الحرج) ايضا الاثم, يقال:( احرجه) بمعني اثمه, و( تحرج) اي تاثم, و(حرج) عليه الشئ اي حرم عليه, و(المنحرج) المتجنب من الحرج والاثم, ويقال:( حرج) صدره( حرجا) فهو( حرج) اي ضاق ضيقا شديدا. واما عن( التصعد في السماء) فالتصعد والتصاعد والصعود هو الذهاب الي المكان العالي او الارتفاع, وهو ضد الحدور, يقال:( صعد) بالكسر( يصعد)( صعودا) في السلم اي ارتقاه ارتقاء, و(صعد)( يتصعد) في الجبل, و(تصعد)( يتصعد) اي ارتفع عليه وعلاه, و(اصعد) في الارض( صعودا) اي مضي وسار في مناكبها والصعود ايضا العقبه الشاقه الكئود ويستعار لكل شاق واصعد في الوادي و(صعد) فيه( تصعيدا) اي انحدر معه, ولو ان الصعود اصلا ضد الهبوط, وهو و(الصعد) والصعيد واحد, ويقال عذاب( صعد) اي شديد و(الصعيد) هو ايضا ما يصعد اليه, و(الصعداء): تنفس ممدود, ويقال( تصعد) النفس بمعني صعب مخرجه, ويقال:( يصعد) واصلها( يتصعد) اي يتكلف الصعود, فلا يستطيعه, و(تصعد) ايضا تستخدم بمعني شق من المشقه و(الاصعاد)= الابعاد في الارض سواء كان في صعود او حدور( هبوط); و(الصعد) الشاق او المشقه ويقال:( تصعدون) اي تذهبون في الوادي هربا من عدوكم من( الاصعاد) وهو الذهاب في صعيد الارض, والابعاد فيه, يقال:( اصعد) في الارض اذا ابعد في الذهاب وامعن فيه فهو( مصعد). الدلالات القرانيه لبعض الفاظ الايه الكريمه جاء الفعل( شرح) بتصريفاته في اربعه مواضع من القران الكريم بالاضافه الي الايه الكريمه التي نحن بصددها علي النحو التالي: (1) افمن شرح الله صدره للاسلام فهو علي نور من ربه....*( الزمر:22) (2) الم نشرح لك صدرك*( الشرح:1) (3) قال رب اشرح لي صدري*( طه:25) (4).. ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم*( النحل:106) وجاءت لفظه( حرج) في خمسه عشر موضعا بمعني الضيق في التشريع, او شده الضيق بصفه عامه, كما جاءت بمعني الاثم او الذنب. اما الفعل( صعد) بمشتقاته فقد جاء في تسعه مواضع من كتاب الله( تعالي) بمعني الارتفاع, والقبول, والرضا من الله( سبحانه وتعالي), وبمعني الذهاب في الوادي, والمضي فيه هربا, وبمعني تكلف الصعود بمشقه بالغه, فلا يستطيعه, وبمعني شديدا صعبا, وبمعني العقبه المرتفعه الشاقه المصعد, وبمعني وجه الارض البارز سواء كان ترابا او غيره, وقيل التراب ذاته. اما لفظه( السماء) فقد جاءت في ثلاثمائه وعشره مواضع من كتاب الله, منها مائه وعشرون بالافراد( السماء), ومائه وتسعون بالجمع( السماوات), وصيغه الجمع توحي ببقيه الكون في مقابله الارض, بينما الاشارات المفرده بلفظ( السماء) جاءت في ثمانيه وثلاثين موضعا بمعني الغلاف الغازي للارض بصفه عامه, والجزء الاسفل منه بصفه خاصه( او ما يعرف باسم نطاق التغيرات المناخيه او نطاق الرجع) والذي يحتوي غالبيه ماده الغلاف الغازي للارض, وجاء لفظ( السماء) ايضا بالافراد في اثنين وثمانين موضعا يفهم الغالب منها علي انه السماء الدنيا التي زينها ربنا( تبارك وتعالي) بالكواكب والنجوم والبروج, ويفهم منها مجموع السماوات قبل فصلها الي سبع, وبعد فصلها في بعض المواضع. كذلك جاءت الاشاره في القران الكريم الي( السماوات والارض وما بينهما) في عشرين موضعا, ويفهم هذا التعبير علي ان المقصود منه هو الغلاف الغازي للارض بصفه عامه, والجزء الاسفل منه بصفه خاصه, وذلك لقول الحق( تبارك وتعالي): (... والسحاب المسخر بين السماء والارض...*) (البقره:164) والسحاب يتحرك في نطاق الطقس, والقران الكريم يشير في اكثر من ايه الي انزال الماء من السماء, وواضح الامر ان المقصود بالسماء هنا هو السحاب. فاذا كان المقصود بالسماء في قول الحق( تبارك وتعالي): كانما يصعد في السماء هو الغلاف الغازي للارض فان لذلك صعوباته ومشاقه التي تصل الي حد الاستحاله, واذا كان المقصود هو السماء الدنيا فان الصعوبات والعقبات تتضاعف اضعافا كثيره حتي تصل الي ما فوق الاستحاله, وذلك لان الله( تعالي) قد حدد للانسان نطاقا معينا من الارض وغلافها الغازي تتواءم فيه ومعه بنيته الجسديه, ووظائف اعضائه المختلفه, واذا خرج عن هذا النطاق فانه يحتضر ويموت, كما يموت السمك اذا اخرج من الماء, ويتضح ذلك جليا من دراسه الصفات الطبيعيه والكيميائيه لنطق الغلاف الغازي للارض. شروح المفسرين للايه الكريمه في تفسير الايه الكريمه التي نحن بصددها ذكر ابن كثير( يرحمه الله) ما نصه: يقول تعالي:( فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام اي ييسره له وينشطه ويسهله لذلك, فهذه علامات علي الخير, كقوله تعالي( افمن شرح الله صدره للاسلام فهو علي نور من ربه) الايه, وقال تعالي:( ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم), وقال ابن عباس معناه يوسع قلبه للتوحيد والايمان به, وهو ظاهر. سئل رسول الله( صلي الله عليه وسلم): اي المومنين اكيس؟ قال: اكثرهم ذكرا للموت واكثرهم لما بعده استعدادا, وسئل عن هذه الايه( فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام) قالوا: كيف يشرح صدره يارسول الله؟ قال: نور يقذف فيه, فينشرح له وينفسح, قالوا: فهل لذلك من اماره يعرف بها؟ قال: الانابه الي دار الخلود, والتجافي عن دار الغرور, والاستعداد للموت قبل لقاء الموت.. وقوله تعالي( ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا) حرجا بفتح الحاء والراء, وهو الذي لا يتسع لشئ من الهدي, ولا يخلص اليه شئ من الايمان ولا ينفذ فيه, وقد سال عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا من الاعراب من اهل الباديه من مدلج عن الحرجه؟ فقال: هي الشجره تكون بين الاشجار لا تصل اليها راعيه ولا وحشيه ولا شئ, فقال عمر رضي الله عنه: كذلك قلب المنافقين لا يصل اليه شئ من الخير; وقال ابن عباس: يجعل الله عليه الاسلام ضيقا والاسلام واسع, وذلك حين يقول:( وما جعل عليكم في الدين من حرج) يقول: ما جعل عليكم في الاسلام من ضيق, وقال مجاهد والسدي:( ضيقا حرجا) شاكا, وقال عطاء الخراساني:( ضيقا حرجا) اي ليس للخير فيه منفذ, وقال ابن المبارك:( ضيقا حرجا) بلا اله الا الله حتي لا تستطيع ان تدخل قلبه,( كانما يصعد في السماء) من شده ذلك عليه, وقال سعيد بن جبير:( يجعل صدره ضيقا حرجا) لا يجد فيه مسلكا الا صعد, وقال عطاء الخراساني:( كانما يصعد في السماء) يقول: مثله كمثل الذي لا يستطيع ان يصعد الي السماء, وقال ابن عباس: فكما لا يستطيع ابن ادم ان يبلغ السماء, فكذلك لا يستطيع ان يدخل التوحيد والايمان قلبه حتي يدخله الله في قلبه, وقال الاوزاعي: كيف يستطيع من جعل الله صدره ضيقا ان يكون مسلما; وقال ابن جرير: وهذا مثل ضربه الله لقلب هذا الكافر في شده ضيقه عن وصول الايمان اليه يقول: فمثله في امتناعه عن قبول الاي مان وضيقه عن وصوله اليه مثل امتناعه عن الصعود الي السماء وعجزه عنه, لانه ليس في وسعه وطاقته.... وقال صاحب تفسير الجلالين( يرحمهما الله) شيئا مختصرا عن ذلك وذكر كل من صاحب( صفوه البيان لمعاني القران) يرحمه الله وصاحب صفوه التفاسير( امد الله في عمره) شيئا مشابها ايضا. وذكر صاحب الظلال( يرحمه الله): من يقدر الله له الهدايه وفق سنته الجاريه من هدايه من يرغب في الهدي ويتجه اليه بالقدر المعطي له من الاختيار بقصد الابتلاء ( يشرح صدره للاسلام), فيتسع له, ويستقبله في يسر ورغبه, ويتفاعل معه, ويطمئن اليه, ويستريح به ويستريح له. ومن يقدر له الضلال وفق سنته الجاريه من اضلال من يرغب عن الهدي ويغلق فطرته عنه ( يجعل صدره ضيقا حرجا كانما يصعد في السماء).. فهو مغلق مطموس يجد العسر والمشقه في قبوله,( كانما يصعد في السماء).. وهي حاله نفسيه تجسم في حاله حسيه, من ضيق النفس, وكربه الصدر, والرهق المضني في التصعد الي السماء! التصعد في السماء كما تراه العلوم الكونيه سبق, وان اشرنا ان لفظه( السماء) تعني الكون في مقابله الارض, وان التعريف اللغوي للسماء يشمل كل ما علاك فاظلك بدءا من نطق الغلاف الغازي للارض وانتهاء بالحدود المدركه للكون. السماء بمعني الغلاف الغازي للارض تحاط الارض بغلاف غازي تقدر كتلته بنحو خمسه الاف مليون مليون طن(5,2*1510 اطنان) ويقدر سمكه بعده الاف من الكيلو مترات فوق مستوي سطح البحر, ويتناقص ضغطه من نحو الكيلو جرام علي السنتيمتر المربع عند مستوي سطح البحر الي واحد من المليون من ذلك في الجزء العلوي منه. ويقسم الغلاف الغازي للارض الي قسمين رئيسيين علي النحو التالي: ا القسم السفلي من الغلاف الغازي للارض (The lower Atmosphere) ويتكون من خليط من جزيئات النيتروجين, والاوكسجين, وعدد من الغازات الاخري, ويعرف باسم النطاق المتجانس (The Homosphere) ويقسم الي ثلاثه نطق متميزه من اسفل الي اعلي علي النحو التالي: (1) نطاق التغيرات الجويه: نطاق الطقس او نطاق الرجع (TheTroposphere) وهو نطاق قليل السمك, يلامس الارض مباشره, ويمتد من مستوي سطح البحر الي ارتفاع16 الي17 كيلو مترا فوق خط الاستواء, ويتناقص سمكه الي ما بين6 و8 كيلو مترات فوق القطبين, ويختلف سمكه فوق خطوط العرض الوسطي باختلاف ظروفها الجويه, فينكمش الي ما دون السبعه كيلو مترات في مناطق الضغط المنخفض, ويمتد الي نحو13 كيلو مترا في مناطق الضغط المرتفع, وعندما تتحرك كتل الهواء الحار من خط الاستواء في اتجاه القطبين فانها تضطرب فوق هذا المنحني الوسطي, فتزداد سرعه الهواء مندفعا تجاه الشرق بتاثير دوران الارض حول محورها امام الشمس من الغرب الي الشرق, ويتم ذلك بسرعه فائقه تعطي كتل الهواء المتحركه بها اسم التيار النفاث (The Jet stream). ويضم هذا النطاق ثلثي(66%) كتله الغلاف الغازي للارض, وتتناقص درجه الحراره فيه مع الارتفاع باستمرار( بمعدل6 درجات مئويه كل كيلو متر ارتفاع في المتوسط حتي تصل الي ستين درجه مئويه تحت الصفر في قمته المعروفه باسم مستوي الركود الجوي (The tropopause) وذلك لتناقص الضغط فيه الي عشر الضغط الجوي عند سطح البحر تقريبا, وللبعد عن سطح الارض وهو مصدر التدفئه الصاعده الي هذا النطاق. وهذا النطاق هو نطاق تكثف بخار الماء الصاعد من الارض, وتكون السحب, وهطول كل من المطر والبرد والثلج, وحدوث ظواهر الرعد والبرق, وتحرك الرياح, وتكون العواصف والدوامات, وتيارات الحمل الهوائيه, وغير ذلك من الظواهر الجويه, ويتركب الغلاف الغازي في هذا النطاق اساسا من جزيئات كل من النيتروجين( بنسبه78,1% بالحجم) والاوكسجين( بنسبه21% بالحجم), والارجون بنسبه0,93% بالحجم وثاني اكسيد الكربون( بنسبه0,03% بالحجم), بالاضافه الي نسب ضئيله من بخار الماء, واثار طفيفه من كل من الميثان, واكاسيد النيتروجين, واول اكسيد الكربون, والايدروجين, والهيليوم, والاوزون وبعض الغازات الخامله مثل الارجون. (2) نطاق التطبق (The Stratosphere): ويمتد من فوق مستوي الركود الجوي (TheTropopause) اي من ارتفاع16 17 كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر الي قرابه الخمسين كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر, وبذلك يقدر سمكه بنحو33 34 كيلو مترا, وينتهي بمستوي الركود الطبقي (The Stratopause) وترتفع درجه الحراره في هذا النطاق من اكثر من ستين درجه مئويه تحت الصفر عند قاعدته الي نحو الثلاث درجات فوق الصفر المئوي عند قمته, ويرجع السبب المباشر في هذا الارتفاع الحراري الي امتصاص قدر من الاشعه فوق البنفسجيه المقبله مع اشعه الشمس بواسطه جزيئات الاوزون التي تتركز في الجزء السفلي من هذا النطاق( بين ارتفاعي18 و30 كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر) مكونه جزءا مميزا منه يعرف باسم نطاق الاوزون (The Ozonosphere) يتركز فيه هذا الغاز المهم بنسبه0,001% ولكنها نسبه كافيه لحمايه الارض, وما عليها من صور الحياه من اضرار الاشعه فوق البنفسجيه, وهي اشعه حارقه ومدمره لجميع صور الحياه الارضيه, ولولا وجود طبقه الاوزون, وما اعطاها الله تعالي من قدره لامتصاص وتحويل الاشعه فوق البنفسجيه لكانت الحياه مستحيله علي الارض. ويستمر الضغط في الانخفاض في نطاق التطبق من قاعدته الي قمته حيث يصل فيه الي واحد من الف من الضغط الجوي عند سطح البحر. (3) النطاق المتوسط (The Mesosphere) ويمتد من مستوي الركود الطبقي( اي من ارتفاع نحو خمسين كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر الي ارتفاع80 الي90 كيلو مترا فوق هذا المستوي, ويتراوح سمكه بين30 و40 كيلو مترا). وتنخفض درجه الحراره في نطاق التطبق بمعدل ثلاث درجات لكل كيلو متر ارتفاع تقريبا حتي تصل الي نحو مئه درجه مئويه تحت الصفر عند حده العلوي والمعروف باسم مستوي الركود الاوسط (The Mesopause) وان كانت درجه الحراره تلك تتغير باستمرار مع تغير الفصول المناخيه. كذلك يستمر الضغط في الانخفاض مع الارتفاع حتي يصل في قمه هذا النطاق الي اربعه من المليون من الضغط الجوي عند سطح البحر. (ب) القسم العلوي من الغلاف الغازي للارض (The upper Atmosphere) وهذا القسم من الغلاف الغازي للارض يختلف اختلافا كليا عن القسم السفلي ولذا يعرف باسم نطاق التباين (The Heterosphere) وتبدا فيه جزيئات مكوناته في التفكك الي ذراتها وايوناتها بفعل كل من اشعه الشمس والاشعه الكونيه, كذلك تسود فيه ذرات الغازات الخفيفه من مثل الايدروجين والهيليوم علي حساب الذرات الكثيفه نسبيا من مثل الاوكسجين والنيتروجين, وتواصل درجات الحراره الارتفاع فيه حتي تصل الي اكثر من الفي درجه مئويه, ويواصل الضغط الانخفاض حتي يصل في قمه هذا النطاق الي اقل من واحد في المليون من الضغط الجوي علي سطح البحر. ويحوي هذا القسم نطاقين متميزين هما من اسفل الي اعلي كما يلي: (1) النطاق الحراري (TheThermosphere) ويمتد من مستوي الركود المتوسط( اي من ارتفاع يتراوح بين80 و90 كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر في المتوسط الي عده مئات من الكيلومترات فوق مستوي سطح البحر عند مستوي الركود الحراري (Thermopause) وتواصل درجات الحراره في الارتفاع في هذا النطاق من نحو المائه درحه مئويه في اعلي النطاق الاسفل منه لتصل الي ما بين227 و500 درجه مئويه عند ارتفاع مائه وعشرين كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر, وتبقي درجه الحراره ثابته تقريبا عند درجه500 مئويه الي ارتفاع يتراوح بين ثلاثمائه واربعمائه كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر, ثم تقفز بعد ذلك الي درجات تتراوح بين1500 و2000 درجه مئويه الي نهايه النطاق وتزيد في فترات النشاط الشمسي. (2) النطاق الخارجي (The Exosphere): هو نطاق يعلو النطاق الحراري, تثبت فيه درجه الحراره ثبوتا نسبيا, ولذا يطلق عليه احيانا اسم نطاق التساوي الحراري (The Isothermalsphere) ويتضاءل الضغط فيه, وتتمدد الغازات تمددا كبيرا وتتحرك ذراتها بحريه كامله في مساراتها فتقل فرص التلاقي بينها بعد ارتفاع يطلق عليه اسم الارتفاع الحرج (The Critical Elevation) او خط ركود الضغط الجوي (The Baropause) او قاعده العوالم الخارجيه عن الارض (The Exobase) وعند هذا الحد يبدا الغلاف الغازي للارض في الالتصاق بقاعده السماء الدنيا او ما يطلق عليه اسم الماده بين الكواكب (The Interplanetary Matter) والتداخل احيانا فيها لتضاول سيطره الجاذبيه الارضيه علي ذرات الغازات في الاجزاء العليا من هذا النطاق مما يزيد من قدرات تلك الذرات علي الانفلات من قيود الجاذبيه الارضيه والهروب بعيدا عن الارض وعن غلافها الجوي. وفي المنطقه من قمه النطاق المتوسط( اي من ارتفاع مائه كيلو متر تقريبا) الي اقصي الحدود العلويه للغلاف الغازي للارض تتاين ذرات الغازات( اي تشحن بالكهرباء) بفعل كل من الاشعه فوق البنفسجيه والسينيه المقبله مع اشعه الشمس, وبعض جسيمات كل من الاشعه الشمسيه الكونيه, ويطلق علي هذا السمك اسم نطاق التاين (The Ionosphere). والمنطقه التي تفوق فيها طاقه الايونات الطاقه الحراريه فانها تتحرك بين خطوط قوي مجال الجاذبيه الارضيه مكونه منطقه متميزه تعرف باسم النطاق المغناطيسي للارض (The Magnetosphere) وتمتد الي نهايه الغلاف الغازي للارض, وقد تتداخل في نطاق الماده بين الكواكب. كذلك تم اكتشاف زوجين من الاحزمه الاشعاعيه (The Radiation Belts) يحيطان بالكره الارضيه علي هيئه هلاليه مزدوجه تزيد فيها تلك الاحزمه في السمك زياده ملحوظه عند خط الاستواء, وترق رقه شديده عند القطبين, وفي هذه الاحزمه تحتبس الايونات واللبنات الاوليه للماده( من مثل البروتونات والاليكترونات) والتي يقتنصها المجال المغناطيسي للارض, فتتحرك عبر ذلك المجال من احد قطبي الارض للاخر وبالعكس في حركه دائبه. ويتركز الزوج الداخلي من احزمه الاشعاع علي ارتفاع3200 كيلو متر فوق مستوي سطح البحر, بينما يتركز الزوج الخارجي علي ارتفاع25000 كيلو متر فوق هذا المستوي. تقسيم الغلاف الغازي للارض من حيث مواءمته للحياه الارضيه يقسم الغلاف الغازي للارض من حيث مواءمته للحياه الارضيه الي النطق التاليه: (1) نطاق المواءمه الكامله للحياه الارضيه ويمثل الجزء الغازي من نطاق الحياه الذي يمتد من اعماق المحيطات( بمتوسط عمق3800 متر تحت مستوي سطح البحر) الي ارتفاع في الغلاف الغازي للارض لا يتعدي الثلاثه كيلو مترات فوق مستوي سطح البحر.وهذاالجزء الهوائي من نطاق الحياه هو نطاق المواءمه البيئيه الكامله لحياه الانسان, اي التي يستطيع الانسان العيش فيها بدون مخاطر صحيه, لملاءمه التركيب الكيميائي والصفات الطبيعيه للغلاف الغازي للارض في هذا النطاق لطبيعه جسم الانسان ولوظائف كل اعضائه واجهزته من مثل وفره الاوكسجين, وتوسط كل من الضغط ودرجات الحراره. ومتوسط ارتفاع اليابسه لايكاد يصل الي هذا الحد من الارتفاع فوق مستوي سطح البحر الذي تكون التغيرات الطبيعيه والكيميائيه عنده محتمله, ولذلك لا تظهر علي البشر الذين يعيشون في مثل هذه الارتفاعات او يصلون اليها ايه اعراض من اعراض نقص الاوكسجين او تناقص الضغط, علي الرغم من الانخفاض في درجه الحراره, وبعض الاختلافات في سلوك سائل مثل الماء في تلك الارتفاعات العاليه. (2) نطاق شبه المواءمه للحياه الارضيه ويمتد هذا النطاق من ارتفاع ثلاثه كيلو مترات فوق مستوي سطح البحر الي ارتفاع سته عشر كيلو مترا فوق ذلك المستوي ويقترب في منتصفه من اعلي قمم الارض ارتفاعا(8848 مترا) ويتميز بنقص تدريجي في نسبه الاوكسجين, وتناقص الضغط بمعدلات ملحوظه, ويمكن للانسان العيش في الاجزاء السفلي من هذا النطاق بصعوبه فائقه لصعوبه التنفس, والخلل الذي يعتري بعض وظائف اعضاء جسده نتيجه لانخفاض الضغط الجوي فتبدو عليه اعراض نقص الاوكسجين( هيبوكسيا) واعراض انخفاض الضغط الجوي( ديسباريزم). (3) نطاق استحاله وجود الانسان بغير عوامل وقائيه كامله: ويمتد من ارتفاع سته عشر كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر الي نهايه الغلاف الغازي للارض, وهو نطاق يستحيل بقاء الانسان فيه بغير عوامل كافيه للوقايه من مخاطر هذا النطاق, وذلك بتكييف الجو المحيط به من حيث الضغط ودرجتي الحراره والرطوبه, وامداده بالقدر الكافي من الاوكسيجين وتنقيته من ثاني اكسيد الكربون, وغير ذلك من النواتج الضاره, مع المراقبه المستمره للاحوال الصحيه ويتم ذلك بتزويده بحلل مشابهه لحلل رواد الفضاء المزوده باجهزه كامله لدعم حياه الانسان في مثل هذه البيئات الخطره من مثل النقص الحاد في كل من الضغط الجوي, ونسبه الاوكسجين, والتغيرات الشديده في درجات الحراره. والحلل التي يرتديها رواد الفضاء في داخل مركباتهم الفضائيه المكيفه بظروف موائمه لطبيعه الانسان هي حلل محكمه غايه الاحكام غير منفذه للهواء ولا للاشعه الكونيه ومليئه بالهواء المضغوط بالقدر المطلوب لسلامه جسم الانسان, وتتم مراقبه الضغط داخل تلك الحلل باجهزه ضغط يمكن التحكم فيها بواسطه صمامات خارجيه, ومزوده بجيوب لتجميع افرازات الجسم والسوائل الخارجه منه, وتسمح في الوقت نفسه بالوصول الي الجسد لمعالجته بالحقن الطبيه اللازمه في حالات الضروره. اما في رياده الغلاف الغازي للارض خارج المركبات الفضائيه, فيحتاج رواد الفضاء الي حلل مزوده بضوابط بيئيه تفوق الحلل المستخدمه داخل المركبات الفضائيه في تعقيدها, وذلك بتزويدها بضوابط لدعم الحياه محموله تسمي باسم نظم الدعم الحياتي المحموله (Portable Life-Support Systems), وتضم بالاضافه الي حلل داخل المركبات الفضائيه مصادر محموله للتزود بالاوكسيجين لها انبوبتان احداهما للشهيق والاخري للزفير, واجهزه اتصال لاسلكيه, ووحده تكييف للهواء, ولوحات تحكم في الضغط, وخوذه وغطاء عازلان للحراره ولكل من الاشعه الشمسيه والكونيه, واحذيه طويله الرقبه, وقفازات عازله لكل من الحراره والاشعه ورجوم النيازك المتناهيه في صغر الحجم. الصعوبات التي يواجهها الانسان حينما يتصعد في السماء بغير وقايه كافيه اذا تجاوز الانسان ارتفاع الثمانيه كيلو مترات فوق مستوي سطح البحر فانه يتعرض لمشكلات عديده منها صعوبه التنفس لنقص الاوكسجين وتناقص ضغط الهواء, وهو مرض يسميه المتخصصون في طب الطيران باسم مرض عوز الاوكسجين Hypoxia ومنها مشكلات انخفاض الضغط الجوي والذي يسمي باسم خلل الضغط الجوي Dysbarism وتحت هذين العارضين لا يستطيع جسم الانسان القيام بوظائفه الحيويه, فتبدا في التوقف الوظيفه تلو الاخري, وهنا يمكن تفسير ضيق الصدر الذي يمر به الانسان عند الصعود الي تلك المرتفعات بغير استعدادات وقائيه كافيه, فيبدا بالشعور بالاجهاد الشديد, والصداع المستمر, والشعور بالرغبه في النوم, ونتيجه للنقص في الضغط الجوي تبدا الغازات المحبوسه في داخل انسجه الجسم وتجاويفه المختلفه في التمدد من مثل الجهاز التنفسي من الرئتين والقصبه الهوائيه وتشعباتهما والانف, والجيوب الانفيه, والجهاز الدوري من القلب والاورده والشرايين, والجهاز السمعي خاصه الاذن الوسطي, والجهاز الهضمي من مثل المعده والامعاء الدقيقه والغليظه, خاصه القولون, والفم والاسنان والاضراس واللثه مما يودي الي الام شديده في كل اجزاء الجسم, والي ضغوط شديده علي الرئتين والقلب والي تمزق خلاياهما وانسجتهما, ويسبب الشعور بضيق الصدر وحشرجه الموت. كذلك تبدا الغازات الذائبه في جميع سوائل الجسم وانسجته في الانفصال والتصاعد الي خارج حيز الجسد, واهمها غاز النيتروجين الذي يصل حجمه في جسم الفرد البالغ الي نحو اللتر موزعه بين الدم وانسجه الجسم المختلفه, وتخرج هذه الغازات علي هيئه فقاعات تندفع الي الخارج بسرعه فائقه مما يزيد من تمزق الخلايا والانسجه, والي حدوث الام مبرحه بكل من الصدر والمفاصل, والي ضيق شديد في التنفس نتيجه لتصاعد فقاعات النيتروجين من انسجه الرئتين, ومن داخل الشعيرات الدمويه, ومن الانسجه المحيطه بها ومن الجلد ومن انسجه وخلايا الجهاز العصبي, فتتاثر رويه الشخص, ويختل توازنه, ويصاب بصداع شديد, ثم اغماء كامل او صدمه عصبيه او بشلل جزئي او كلي وزرقه بالجسم تنتهي بالوفاه بسبب توقف كل من القلب والرئتين, وانهيار الجهاز العصبي, وفشل كامل في وظائف بقيه اعضاء الجسم ولعل ذلك هو المقصود بقول الحق( تبارك وتعالي): فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كانما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس علي الذين لا يومنون*( الانعام:125) |
أدوات الموضوع | |
|
|