![]() |
جديد المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() الشبهات التي أثيرت حول الإعجاز في القرآن فمن أهمها شبهتان: الشبهة الأولى: القول بأنّ عجز العرب عن الإتيان بمثل القرآن لم يكن بسبب عدم قدرتهم على ذلك، بل إنهم عجزوا لأن الله صرفهم عنه بما أطلق عليه القول بالصّرفة. الشبهة الثانية: أنّ القرآن الكريم يتضمّن بعض الألفاظ والأساليب المعيبة في مقامها وسياقها. ونبدأ بمناقشة موضوع القول بالصّرفة. يرى بعض الباحثين أنّ فكرة الصّرفة قد تسرّبت إلى الفكر الإسلامي من الثقافة الهندية، وأنّ بعض المثقفين من علماء المسلمين اطلعوا على أقوال ـ البراهمة ـ رجال الدّين في الدّيانة الهندية في كتابهم المسمى ـ الفيدا ـ وهو يشتمل على مجموعة من الأشعار ليس في كلام الناس ما يماثلها في زعمهم. ويقول جمهور علمائهم: إنّ البشر يعجزون عن أن يأتوا بمثلها لأن ـ براهماً ـ صرفهم عن أن يأتوا بمثلها، وعندما دخلت الأفكار الهندية في عهد أبي جعفر المنصور ومن وليه من حكام بني العباس، تلقفها الذين يحبون كل وافد من الأفكار فدفعتهم الفلسفة إلى أن يعتنقوا ذلك القول، ويطبّقوه على القرآن الكريم وإن كان لا ينطبق، فقال قائلهم: .... إنّ العرب إذا عجزوا عن أن يأتوا بمثل القرآن، ما كان عجزهم لأمر ذاتي من ألفاظه ومعانيه ونظمه، بل كان عجزهم لأنّ الله صرفهم عن أن يأتوا بمثله. ويقال: إنّ أول من جاهر بهذا القول وأعلنه ودعا إليه ودافع عنه هو إبراهيم ابن سيّار الشهير بالنظام، المتوفى سنة 224. والنـّظـّام هذا هو رأس المعتزلة وعمدة المتكلمين، وأستاذ الجاحظ. والواقع: أنّ مفهوم الصّرفة كما ذكره النظام لم يكتب له الرّواج، نظراً لأنه يسلب النّصّ القرآني إعجازه الذاتي، ويدعى أنه في طوق العرب لو لم يصرفهم الله عن معارضته. وقد قال غيره من العلماء بالصّرفة لكن مفهومها عندهم مغاير لمفهومها عند النظام، فقد نسب القوّة بالصّرفة إلى الشريف المرتضى، وهو من علماء الشيعة الذي يشار إليهم بالبنان. ومفهوم الصّرفة عند الشريف المرتضى: أنّ العرب قادرون على النظم والعبارات المماثلة لما جاء في القرآن الكريم، لكن عجزهم أنه كان بسبب أنهم لم يعطوا العلم الذي يستطيعون به محاكاة القرآن. وهذا القول ينافيه أنّ الله سبحانه وتعالى طالبهم بأن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات... وأعفاهم من أن يكون كلامهم مشتملاً على ما في القرآن من علم، واقتصر على التحدّي بالنظم والعبارة واللفظ. على أنه من العلماء من يقول بالصّرفة، باعتبارها وجهاً من وجوه الإعجاز، من جهة كونها دالـّة على القوّة وباعتبار أنّ ذلك ـ على فرض حدوثه ـ يعتبر أمراً خارجاً عن العادة كسائر المعجزات التي دلت على النبوّة، أي: أنّ ذلك احتمال عقلي، والتسليم به إنما هو على سبيل التنزل مع الخصم والمجادلة والمنافحة عن الحق، وهذه الطريقة وإن لم تكن مرضية، لأنّ القرآن في نفسه معجز لا يستطيعه بشر، إلا أنها تصلح على سبيل التنزل والمجادلة والمنافحة عن الحقّ باعتبار أنها لو صحت فإنها لا تطعن في أن القرآن الكريم من عند الله، بل تثبت أنّ الصّرفة دليل على النبوّة، وهذا لا يمنع من أنّ القرآن في نفسه معجز. وأيّاً كان الأمر في مفهوم الصّرفة عند أصحاب القول بها، فقد تصدّى العلماء لهذه الشبهة، واقتلعوها من جذورها، وبلغوا من ذلك مبلغاً لا مزيد عليه. وسوف أوجز أقوال العلماء في الرّد ّعلى أصحاب هذه الشبهة وإبطالها دون الرّدّ على أصحاب هذه الرّدود، تجنباً للتكرار. وإن كان أهم هؤلاء العلماء: الخطابي ( ت سنة 388 ) في كتابه: بيان إعجاز القرآن. والباقلاني ( ت سنة 403 ) في كتابه: إعجاز القرآن... وعبد القاهر الجرجاني ( ت سنة 471 ) في كتابه: الرسالة الشافية في إعجاز القرآن. استدلّ العلماء على بطلان القول بالصّرفة بأدلة منها: أوّلاً: لو كان الأمر على ما ذهبوا إليه، وكان الإعجاز بالصّرفة حقّاً، فإنه يلزم من ذلك أن يكون العرب قد تراجعت حالها في البلاغة والبيان، وفي جودة النظم وشرف المعنى، وأن يكونوا قد نقصوا في قرائحهم وأذهانهم، وعدموا الكثير ممّا كانوا يستطيعون، وأن تكون أشعارهم وخطبهم التي قاموا بها بعد أن سمعوا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، وتحدّوا إلى المعارضة قاصرة عمّا سمع منهم من قبل القصور الشديد. .وإذا كان الأمر كذلك، وأنهم منعوا منزلة من الفصاحة كانوا عليها، لزمهم أن يعرفوا ذلك من أنفسهم، ولو عرفوه لجاء عنهم ذكره، ولكانوا قد قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم، إنا كنا نستطيع قبل هذا الذي جئتنا به، ولكنك سحرتنا، واحتلت علينا في شيء حال بيننا وبينه، وكان أقلّ ما يجب عليهم في ذلك: أن يتذاكروه فيما بينهم، ويشكو البعض إلى بعض، وإذا كان ذلك لك لم يرد، ولم يذكر إن كان منهم قول في هذا المعنى لا ما قال ولا ما كثر، فهذا دليل على أنه قول فاسد، ورأي ليس من آراء ذوي التحصيل. فإن قالوا: إنه نقصان حدث في فصاحتهم من غير أن يشعروا به، قيل لهم: إذا كانوا لم يشعروا بما حدث لهم من نقص ما فلا يتصور أن تقوم لهم حجّة بالعجز عنه مثل القرآن ثانياً: لو سلمنا أنّ العرب المعاصرين للبعثة قد صرفوا كما يزعمون، لم يكن من قبلهم من أهل الجاهلية مصروفين عمّا كان يعدل القرآن في الفصاحة والبلاغة وحسن النظم. فلمّا لم يوجد في كلام من قبلهم مثله، علم أنّ ما دعاه القائل بالصّرفة ظاهره البطلان. ثالثاً: إنّ في سياق آية التحدّي ما يدل على فساد هذا القول، وذلك أنه لا يقال عن الشيء يمنعه الإنسان بعد أن كان قادراً عليه ـ لا يقال في هذه الحالة: إني قد جئتكم بما لا تقدرون على مثله ولو احتشدتهم له، وإنما يقال: إني أعطيت أن أحول بينكم وبين كلام كنتم تستطيعونه وأمنعكم إياه وما شاكل ذلك. كما يقال مثلاً للأشداء، إن الآية أن تعجزوا عن رفع ما كان يسهل عليكم رفعه، فقد بان إذن ـ أنه لا مساغ لحمل الآية على ما ذهبوا إليه. رابعاً: الأخبار التي جاءت عن العرب في شأن تعظيم القرآن، وفي وصفه به، من نحو أنّ له لحلاوة وأنّ عليه لطلاوة.... الخ. فمحال أن يعظموه وأن يبهتوا عند سماعه، وهم يرون فيما قاله الأوّلون ما يوازيه. وهكذا ساق العلماء الدّليل تلو الدليل على بطلان القول بالصّرفة، وتأكيد أنّ بلاغة القرآن تعود إلى أمر ذاتي فيه، جعله معجزاً للبشر. شبهة أن القرآن الكريم قد تضمّن ألفاظاً وأساليب ليست مما تقتضيه البلاغة هذا عن شبهة القول بالصرفة، أمّا عن شبهة أن القرآن الكريم قد تضمّن ألفاظاً وأساليب ليست مما تقتضيه البلاغة، فقد فنـّد العلماء أيضاً هذه الشبهة بردود مفحمة، من ذلك مثلاً ما ذكره الخطابي في ردّه على بعض ما أثاروه من شبهات.
فقد قال المشكـّكون في قوله تعالى: « قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ» [سورة يوسف]. قالوا: إنما يستعمل في فعل السباع خصوصاً ( الافتراس ) يقال: افترسه السبع، هذا هو المختار الفصيح في منعاه، فأما ( فأكله ) فهو عام لا يختص به نوع من الحيوان. ويرد الخطابي قائلاً: فإمّا قوله تعالى: فأكله الذئب فإنّ الافتراس معناه في فعل السبع والقتل فحسب، وأصل الفرس ـ دق العنق، والقوم إنما ادعوا على الذئب أنه أكله أكلاً، وأتى على جميع أجزائه. وذلك أنهم خافوا مطالبة أبيهم لهم بأثر باق منه، يشهد بصحّة ما قالوه، فادعوا فيه الأكل ليزيلوا عن أنفسهم المطالبة، والفرس لا يعطي تمام هذا المعنى. وبهذا يكون اللفظ القرآني قد وقع مطابقاً للمعنى المراد. وإليكم نموذجاً آخر: قال تعالى: « وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم » [سورة ص] قال المشككون: المشي ـ في هذا ليس بأبلغ الكلام، ولو قيل بدل ذلك: امضوا وانطلقوا ـ لكان أبلغ وأحسن. ويردّ الخطابي:أنّ المشي ـ في هذا المحلّ أولى وأشبه بالمعنى، وذلك لأنه إنما قصد الاستمرار على العادة الجارية، في غير انزعاج منهم، ولا انتقال عن الأمر الأوّل، وذلك أشبه بالثبات والصّبر على الأمر المأمور به في قوله واصبروا والمعنى: كأنهم قالوا: امشوا على هيأتكم، ولا تبالوا بقوله. ولو قيل: امضوا وانطلقوا... لكان فيه زيادة انزعاج ليس في قوله ( امشوا ) والقوم لم يقصدوا ذلك ولم يريدوه. فالخطابي هنا يربط بين المقام واختيار اللفظ الملائم له دون غيره، فلمّا كان الملأ من قريش يريدون أن يشعروا أتباعهم بأنّ ما جاء به محمّد صلى الله عليه وسلم لا يستحق الاهتمام به، ولا الاكتراث له، لأنه ظاهر البطلان في زعمهم، فالواجب تجاهله تماما، كأنّ شيئاً لم يحدث، وأنّ أفضل ما نواجهه به نمضي في حياتنا، ونتناسى الأمر كله، وهذا المقام استدعى التعبير ـ امشوا ـ لأنه هو الملائم لما يريدون أيهما إتباعهم به. أمّا امضوا وانطلقوا ـ فلا تناسب المقام كما توحي به من الانزعاج وتغيير العادة الرّتيبة التي اعتادوها، والأمر ليس كذلك ـ في زعمهم ـ بالنسبة لما جاء به الرّسول صلى الله عليه وسلم فهو أقل من أن يأبهوا له. وذلك منهم في تضليل أتباعهم وطمس معالم الحقيقة عنهم. وهكذا يمضي الخطابي وغيره من علماء تلك الفترة يوردون الشبهات ويفندونها بما كشف عن وجده الحق في البلاغة القرآنية.
__________________
[frame="11 98"] ![]() ![]() الحمد لله الـّذي هدانا لهذا وما كنـّا لنهتدي لولا أن هدانا الله ![]() اللهم إنـّي أسالك إيمانا كاملا وقلباً خاشعاً وعلماً نافعاً ويقيناً صادقاً وديناً قيماً والعافية من كل بليه وأسألك تمام العافية والشكر على العافية والغنى عن الناس اللهم اجعل القرآن الكريم لنا في الدنيا قرينا وفي القبر مؤنساً وعلى الصراط نوراً وفي القيامة شفيعاً وإلى الجنة رفيقاً ومن النار ستراً وحجاباً وإلى الخيرات كلها دليلاً وإماماً بفضلك وجودك يا أكرم الأكرمين اللهم آمين ![]() أختكم في اللــّــــــــــــه خنــــــســـاء آل العـــزيـــزي |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
لا حول ولا قوة إلا بالله(فوائد وثمار | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 1 | 2021-05-30 08:25 AM |