#1
|
|||
|
|||
بلعام بن باعور
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :- (( بلعام بن باعور )) قال تعالى :- (وأتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الارض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب أن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث. ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون .ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون) . وقد ذكرمن قصته أنه كان فيما قاله ابن عباس وغيره يعلم الاسم الاعظم، وأن قومه سألوه أن يدعو على موسى وقومه، فامتنع عليهم ولما ألحوا عليه ركب حمارة له ; ثم سار نحو معسكر بني إسرائيل فلما أشرف عليهم ربضت به حمارته فضربها حتى قامت، فسارت غير بعيد وربضت، فضربها ضربا أشد من الاول، فقامت ثم ربضت، فضربها فقالت له يا بلعام أين تذهب، أما ترى الملائكة أمامي تردني عن وجهي هذا أتذهب إلى نبي الله والمؤمنين تدعو عليهم، فلم ينزع عنها فضربها حتى سارت به، حتى أشرف عليهم من رأس جبل .ونظر إلى معسكر موسى وبني إسرائيل فأخذ يدعو علبهم فجعل لسانه لا يطيعه إلا أن يدعو لموسى وقومه، ويدعو على قوم نفسه فلاموه على ذلك، فاعتذر إليهم بأنه لا يجري على لسانه إلا هذا، واندلع لسانه حتى وقع على صدره، وقال لقومه: ذهبت مني الآن الدنيا والآخرة ولم يبق إلا المكر والحيلة. ثم أمر قومه أن يزينوا النساء ويبعثوهن بالامتعة يبعن عليهم ويتعرضن لهم حتى لعلهم يقعون في الزنا، فإنه متى زنى رجل منهم كفيتموهم، ففعلوا وزينوا نساءهم، وبعثوهن إلى المعسكر فمرت إمرأة منهم اسمها كستى برجل من عظماء بني إسرائيل وهو زمري بن شلوم. يقال إنه كان رأس سبط بني شمعون بن يعقوب فدخل بها قبته، فلما خلا بها أرسل الله الطاعون على بني إسرائيل، فجعل يحوس فيهم، فلما بلغ الخبر إلى فنحاص بن العزار بن هرون (صاحب أمر موسى.) أخذ حربته، وكانت من حديد، فدخل عليها القبة فانتظمهما جميعا فيها، ثم خرج بهما على الناس والحربة في يده، وقد اعتمد على خاصرته وأسندها إلى لحيته ورفعهما نحو السماء وجعل يقول: اللهم هكذا تفعل بمن يعصيك، ورفع الطاعون فكان جملة من مات في تلك الساعة سبعين ألفا والمقلل يقول عشرين ألفا وكان فنحاص بكر أبيه العزار بن هرون فلهذا يجعل بنو اسرائيل لولد فنحاص من الذبيحة اللية والذراع واللحى ولهم البكر من كل أموالهم وأنفسهم. -فذكر أهل الكتاب وغيرهم من أهل التاريخ أنه قطع بني اسرائيل نهر الاردن وانتهى إلى أريحا وكانت من أحصن المدائن سورا وأعلاها قصورا وأكثرها أهلا فحاصرها ستة أشهر.ثم إنهم أحاطوا بها يوما وضربوا بالقرون يعني الابواق وكبروا تكبيرة رجل واحد فتفسخ سورها وسقط وجبة واحدة فدخلوها وأخذوا ما وجدوا فيها من الغنائم، وقتلوا إثني عشر ألفا من الرجال والنساء، وحاربوا ملوكا كثيرة.ويقال إن يوشع ظهر على أحد وثلاثين ملكا من ملوك الشام.وذكروا أنه انتهى محاصرته لها إلى يوم جمعة بعد العصر. 5-فلما غربت الشمس أو كادت تغرب ويدخل عليهم السبت الذي جعل عليهم وشرع لهم ذلك الزمان قال لها إنك مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها علي فحبسها الله عليه حتى تمكن من فتح البلد، وأمر القمر فوقف عند الطلوع، وهذا يقتضي أن هذه الليلة كانت الليلة الرابعة عشرة من الشهر الاول، وهو قصة الشمس المذكورة في الحديث الذي سأذكره. -وأما قصة القمر فمن عند أهل الكتاب ولا ينافي الحديث بل فيه زيادة تستفاد فلا تصدق ولا تكذب ولكن ذكرهم أن هذا في فتح اريحا فيه نظر، والاشبه والله أعلم أن هذا كان في فتح بيت المقدس الذي هو المقصود الاعظم وفتح اريحا كان وسيلة إليه والله أعلم. 6-قال الامام أحمد: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس ” (على شرط البخاري ). وفيه دلالة على أن الذي فتح بيت المقدس هو يوشع بن نون عليه السلام لا موسى، وأن حبس الشمس كان في فتح بيت المقدس لا أريحا كما قلنا. 7- وقال الامام أحمد: ، عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” غزا نبي من الانبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة، وهو يريد أن يبني بها ولما يبن. ولا آخر قد بنى بنيانا، ولم يرفع سقفها، ولا آخر قد اشترى غنما أو خلفات (وهي الحامل من الابل) وهو ينتظر أولادها، فغزا فدنا من القرية حين صلى العصر أو قريبا من ذلك، فقال للشمس: أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علي شيئا (قال القاضي: اختلف في حبس الشمس المذكور هنا.فقيل ردت على أدراجها.وقيل وقفت ولم ترد.وقيل أبطئ بحركتها)، فحبست عليه حتى فتح الله عليه، فجمعوا ما غنموا، فأتت النار لتأكله فأبت أن تطعمه، فقال فيكم غلول، فليبايعني من كل قبيلة رجل، فبايعوه فلصقت يد رجل بيده، فقال فيكم الغلول ولتبايعني قبيلتك، فبايعته قبيلته، فلصق بيد رجلين أو ثلاثة فقال فيكم الغلول أنتم غللتم.فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب، قال فوضعوه بالمال وهو بالصعيد، فأقبلت النار فأكلته، فلم تحل الغنائم لاحد من قبلنا ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا ” (مسلم). 8- والمقصود أنه لما دخل بهم باب المدينة أمروا أن يدخلوها سجدا أي ركعا متواضعين شاكرين لله عزوجل على ما من به عليهم من الفتح العظيم الذي كان الله وعدهمإياه وأن يقولوا حال دخولهم ” حطة أي حط عنا خطيانا التي سلفت من نكولنا الذي تقدم منا. ولهذا لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم فتحها دخلها وهو راكب ناقته، وهو متواضع حامد شاكر، حتى أن عثنونه – وهو طرف لحيته – ليمس مورك رحله، مما يطأطئ رأسه خضعانا لله عزوجل ومعه الجنود والجيوش ممن لا يرى منه إلا الحدق، ولا سيما الكتيبة الخضراء التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لما دخلها اغتسل وصلى ثماني ركعات، وهي صلاة الشكر على النصر، على المشهور من قولي العلماء.وقيل إنها صلاة الضحى، وما حمل هذا القائل على قوله هذا إلا لانها وقعت وقت الضحى. 9-وأما بنو اسرائيل فإنهم خالفوا ما أمروا به قولا وفعلا دخلوا الباب يزحفون على أستاههم يقولون: حبة في شعرة، وفي رواية: حنطة في شعرة.وحاصله أنهم بدلوا ما أمروا به، واستهزؤا به، كما قال تعالى حاكيا عنهم في سورة الاعراف وهي مكية (وإذا قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم فارسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون) [ الاعراف: 161 – 162 ] وقال في سورة البقرة وهي مدينة مخاطبا لهم (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين.فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون) [ البقرة: 58 – 59 ]. وقال ابن عباس (وادخلوا الباب سجدا) قال: ركعا من باب صغير. هو باب حطة من بيت إيلياء ببيت المقدس. قال ابن مسعود فدخلوا مقنعي رؤوسهم ضد ما أمروا به وهذا لا ينافي قول ابن عباس: أنهم دخلوا يزحفون على أستاههم. وهكذا في الحديث الذي سنورده بعد فإنهم دخلوا يزحفون وهم مقنعوا رؤوسهم.وقوله: وقولوا: ” حطة ” الواو هنا حالية لا عاطفة أي ادخلوا سجدا في حال قولكم حطة.قال ابن عباس أمروا أن يستغفروا * 10-قال البخاري: ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” قيل لبني اسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة فدخلوا يزحفون على استاههم فبدلوا وقالوا حطة حبة في شعرة ” وقد قال أبا هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” قال الله لبني اسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم فبدلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم فقالوا: حبة في شعرة ” وقال ابن مسعود قال في قوله (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم) قال قالوا: ” هطى سقانا ازمة مزيا ” فهي في العربية: ” حبة حنطة حمراء مثقوبة فيها شعرة سوداء “. 11-وقد ذكر الله تعالى أنه عاقبهم على هذه المخالفة، بإرسال الرجز الذي أنزله عليهم، وهو الطاعون، كما ثبت في الصحيحين من حديث الزهري ، عن أسامة بن زيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” إن هذا الوجع (أو) السقم رجز عذب به بعض الامم قبلكم ” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الطاعون رجز عذاب عذب به من كان قبلكم “ وقال ابن عباس: الرجز العذاب. ; و الغضب.و هو الطاعون. ولما أستقرت يد بني إسرائيل على بيت المقدس أستمروا فيه، وبين أظهرهم نبي الله يوشع يحكم بينهم بكتاب الله التوراة حتى قبضه الله إليه وهو ابن مائة وسبع وعشرين سنة فكان مدة حياته بعد موسى سبعا وعشرين سنة . واخر دعوانا ان الحمد للة رب العالمين . ************* |
أدوات الموضوع | |
|
|