جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
العبادة معناها صفاتها شروط قبولها
العبادة "معناها، صفاتها، شروط قبولها" مـعنى العبادة العبادة لغةً:منالخضوع والانقياد والتذلل، يُقال بعير مُعبّد أو طريق مُعبّد: أي مُذلّل سلس سهلالانقياد. وهي شرعاً:غايةالحب مع غاية الذل وهي كما عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ: العبادة اسم جامع لكلّ ما يُحبّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنةوالظاهرة. وعلى هذا فمعنى العبادة واسع وليس كمايظنه كثير من الناس فيقصرونه على السجود والركوع والصلاة فربما عبدوا غير اللهبأنواع أخرى من العبادات وهم لا يشعرون فيقعون بالشرك الذي لا يغفر الله لمن ماتعليه قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِه وَيَغْفِرُ مَادُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء:48]. لذلك وجب على من أراد النجاة من النارودخول الجنة أن يفهم معناها وأنواعها ليوحِّدها جميعها لله تعالى، فذلك حقه سبحانهعلى العباد إن هم أدّوه كان حقاً عليه سبحانه أن يدخلهم الجنة كما في حديث معاذ بنجبل رضي الله عنه. فتأتي العبادة بمعنى التنَسُّك والتأله: كالسجود والركوع والصلاة، وأيضاً الدعاء فهو من العبادة ومنه الاستغاثة فيما لايقدر عليه إلا الله فذلك من العبادة التي يجب أن لا تُصرف لغير الله، وكذلكالاستعاذة {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَالْجِنُّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} [الجن:6] . وكذلك الذبح والنذر ونحوه فذلك كله منالعبادة التي يجب أن لا تُصرف لغيره قال سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِيوَمَحْيايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَـالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَأُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:162-163] . وقال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَوَانْحَرْ} [الكوثر:4]. فالنحر والذبح كالصلاة يجب توحيدها لله تعالى، وقال e فيالدعاء: (الدعاء هو العبادة). وتأتي العبادة ويُراد بها الطاعةوالانقياد المطلق، قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَـا بَنِي ءَادَمَأَلاَّ تَعْبُدُواْ اُلشَيْطَان إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [يس:60] . فعبادةالشيطان هنا طاعته. وكذلك قوله تعالى عن فرعون وملئه: {فَقَالُواْ أَنُؤْمِنُلِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَــابِدُونَ} [المؤمنون:47] . فالمقصود بالعبادة هنا الطاعة والإنقياد المطلق في كلّ شيءٍ، فهذه لا تجوز إلا للهوإن صُرفت إلى غير ذلك فهي على نوعين:ـ 1-طاعة في معصية الله عز وجل (بدوناستحلال للمعصية): كأن يُزيّن له الشيطان الزنا فيُطيعه، أو أن يأمره سيّده بشربالخمر فيطيعه، أو يأمره رئيسه بحلق اللحية فيُطيعه، وهو يعتقد أن ذلك حرام.. فهذهالطاعة يشملها لفظ العبادة، ويُسمى فاعلها (عابداً للشيطان)، أي مُتّبعاً له، ولايصل إلى الكفر إلا إذا استحل المعصية، وإنما هو مُحرم وقد حذّر النبي e منه أشَدّالتحذير فقال: (لا طاعة لمخلوق في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف) [رواه مسلم] . 2-طاعة في الحكم والتشريع أي في (التحليلوالتحريم): وهذا لا يجوز صَرفه لغير الله عز وجل، فإن صُرِفَ، فهو شرك أكبر، لأنالحكم والتشريع لا ينبغي إلا لله الواحد القهار قال عز وجل: {وَلاَ يُشْرِكُ فِيحُكْمِهِ أَحَداً} [الكهف:26] . وقال تعالى أيضاً: {إِنِ الْحُكْمُإِلاَّ لِلَّهِ} [يوسف:40]، فالحكم والتشريع من أخصِّ خصائص الألوهية، ولذا كان منمعاني كلمة الإله: المُشرِّع، ومن أسماء الله الحسنى: الحَكَم والحكيم، وعلى ذلك،فإنَّ من شرَّع أو فرَضَ تشريعاً وحُكْماً غير حُكمِ الله عز وجل فقد نَسَبَ إلىنفسه صفةً من صفات الألوهية، وكان بذلك مثل فرعون حين قال: {مَا عَلِمْتُ لَكُممِّنْ إِلَـهٍ غَيْرِي} [القصص:38] . والأدلة على أن مجرد الطاعة والاتباعلغير الله عز وجل في الحكم والتشريع تعتبر شركاً كثيرة، منها قوله تعالى: {وَإِنَّالْشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْأَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُون} [الأنعام:121] . فكانت طاعة أولياءالشيطان هنا شركاً وعبادةً لغير الله عز وجل لأنها طاعة في الحكم والتشريع، أي فيالتحليل والتحريم الذي لا ينبغي إلا لله عز وجل.. وذلك كما روى الحاكم وغيره بسندصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه: أنَّ أُناساً من المشركين كانوا يُجادلون المسلمينفي مسألة الذبح وتحريم الميتة فيقولون: (تأكلون مما قتلتم ولا تأكلون مما قتل اللهـ يعني الميتة ـ) فقال الله تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْلَمُشْرِكُون} فكانت مجرد الطاعة في مثل هذه الأمور تُعتبر شركاً، يقول ابن كثير ـرحمه الله تعالى ـ: أي حيث عَدلْتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قولِ غيره فقدّمتمعليه غيره فهذا هو الشرك. اهـ. لذلك فإنَّ من أطاع العلماء أو الأمراءأو الحكام في تحريم ما أحلّ الله أو تحليل ما حرّم الله في فتاويهم، أو قوانينهمالتي يحكمون بها العباد، فقد اتخذهم أرباباً من دون الله وكان بذلك مشركاً، ويدّلعلى ذلك أيضاً قول الله تعالى عن أهل الكتاب: {اتَّخَذُواْ أَ حْبَارَهُمْوَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ} [التوبة:31] . واتخاذُ الأحباروالرهبان أرباباً، لا يُقصد به هنا السجود والركوع لهم، وإنما ذلك بطاعتهم في الحكموالتشريع والتحليل والتحريم، لأنَّ هذه الطاعة عبادة كالركوع والسجود لا تجوز إلالله عز وجل، لذلك أنكر الله تعالى عليهم ذلك في تَتِمَّةِ الآية فقال: {وَمَاأُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّإِلَهَ إِلاَّ هُوَسُبْحَـانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } وقال سبحانه وتعالى أيضاً عن أمثال هؤلاء الذينيُطيعون ويَتبعون غير تشريعه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَـاءُ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَالدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن_ به الله وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَبَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّـالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}... [الشورى:21] . فاحذر ذلك جيداً ـ يرحمني الله وإياك ـفقد هلك بسببه كثير من أهل زماننا..(1). *********** صفات العبادة الصحيحة ينبغي للعبادة كي تكون على الوجه الذيطلبه الله منا، أن يصحبها ثلاثة أمور وهي:ـ 1ـالحب 2ـالخوف 3ـالرجاء 1ـ فنعبد الله تعالى حباً له سبحانه فقدأثنى الله على عباده بذلك فقال: {وَالذين آمنوا أشدُّ حُباً للَّه}. 2ـ وكذلك نعبده خوفاً منه ومن عذابهسبحانه، قال تعالى: {فلا تخافوهم وخافونِ إن كنتم مؤمنين } وقال عز وجل: {يَدعُونربَّهم خَوْفاً وطَمَعاً} أي خوفاً من عذابه وطمعاً في مغفرته وجنته وثوابه. 3ـ وكذلك الرجاء: قال تعالى: {ويَرجُونرحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً}. فنعبد الله تعالى حباً فيه وخوفاً منعذابه ورجاء رحمته وثوابه في وقت واحد وهذا هو حال الصالحين ودأبهم وهذه هي صفةالعبادة الصحيحة التي يُريدها الله من عباده ولذلك قال بعض السلف: (مَنْ عَبدَ اللهبالحب وحده فهو زنديق (2) ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري(3) ومن عبده بالرجاء وحدهفهو مرجئ (4) أما صاحب السنة فيجمع بين ذلككله). *********** شروط قبول العبادة أما شروط قبول العبادةفهي:- --* الإيمان --*الإخلاص --* الإتباع ولا تُقبل عبادة عابد إلا بتوافرها كلهامجتمعة. فالعبادة بلا إيمان مردودة قال تعالى: {من عمِل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن} فجعل الإيمان قيداً لذلك. وكذلك الإخلاص:بدونه لا تُقبل العبادة، قال تعالى في الحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشركمن عمِلَ عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه). فلا يقبل الله تعالى من العمل إلاما كان خالصاً له. وكذلك الإتباع: فالله لا يقبل من العبادة إلا ما كان مُوافقاً لما شرعه أي صواباً، قال e: (من أحدثفي أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) ـ أي مردود ـ [رواه مسلم] . أسأل الله تعالى أن يوفقني وإياك إلىالعبادة الصحيحة وأن يتقبل أعمالنا ويحسن ختامنا. ************* (1) ويدخل في هذا الفرع أيضاً الحكامالمرتدين الذين يزعمون الإسلام، ويحكمون بقوانين اليهود والنصارى، فهم مشركونأيضاً، وإنْ لم يُقنِّنوا هم بأنفسهم فيحرِّموا ما أحل الله أو يُحلوا ما حرّمالله، لأن مجرد طاعتهم لليهود والنصارى في تحكيم قوانينهم (التي جلها استحلالللحرام وتحريم للحلال) بدلاً من حكم الله، يعتبر شركاً أكبر (أي عبادة لغير الله عزوجل)، فأولئك المشركون العرب كانوا يُجادلون المسلمين في حكمٍ واحدٍ من أحكامالإسلام وهو الذبح، فسمى الله عز وجل طاعتهم واتباعهم لذلك الأمر شركاً، فكيف بمناتبع اليهود والنصارى وأطاعهم بتحكيم قوانينهم وأحكامهم كلِّها، ونَبَذَ حُكْم اللهكلّه؟؟؟. (2) كما يزعم بعض الصوفية أنهم أحبابالله، يعبدونه حباً فيه فقط وليس خوفاً من عقابه ولا رجاءً ورغبة في مغفرته وثوابه،فكان ذلك من أعظم أسباب ضلالهم وانحرافهم لأنهم خالفوا أمر الله عز وجل حيث أمرناأن نعبده بالخوف والرجاء معاً، فقال: {وادعوه خوفاً وطمعاً}. وهؤلاء الضلال ليسوا أفهم ولا أعلم منالأنبياء وعُباد الله الصالحين الذين وصفهم الله بأنهم يدعون ربهم خوفاً وطمعاًوأثنى عليهم بذلك. (3) الحرورية: هم الخوارج نسبة إلىحروراء بلدة كان أول ظهورهم فيها.. (4) المرجئة: هم الذين يُرجئون العمل عنالإيمان أي يأخرونه ويهملونه ولا يجعلونه شرطاً أو ركناً من أركان الإيمان، كمايقول كثير من الناس اليوم إذا دُعي للصلاة أو غيرها من الفرائض {إن الله غفورٌرحيم} دون أن يستجيب لشيء من ذلك.. ******************* |
أدوات الموضوع | |
|
|