جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
فترة الخطوبة أحـكـامـهـا و مـخـاطـرهـا
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على خير خلق الله أجمعين ، و على آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين , أما بعد : ( الخِطبة : هي طلب الرجل الزواج من امرأة معينة . والهدف منها معرفة رأي المخطوبة ورأي وليها في ذلك . وهي وعد بالزواج وليست عقد زواج . وهي مشروعة بقوله تعالى : ( وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء )[البقرة : 235] . وقد أباح الإسلام أن ينظر الخاطب إلى وجه المخطوبة وكفيها فقط وكذا المخطوبة ، عن أبي هريرة قال: ( كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرت إليها ؟ قال: لا . قال : (فاذهب فانظر إليها ، فإن في أعين الأنصار شيئا))(1) وعن المغيرة بن شعبة قال : ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها فقال : ( اذهب فانظر إليها ؛ فإنه أجدر أن يؤدم بينكما(2) فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها وأخبرتهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهما كرها ذلك ، قال : فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها فقالت : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر وإلا فأنشدك كأنها أعظمت ذلك قال فنظرت إليها فتزوجتها)(3). ولا يشترط علمها بالنظر إليها، بل له أن ينظر إليها من دون علمها ، لحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا خطب أحدكم المرأة ، فلا جناح عليه أن ينظر إليها ، إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته، وإن كانت لا تعلم)(4) وعن جابر رضي الله عنه قال : ( قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر إلى بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل " فخطبت امرأة من بني سليم فكنت أتخبأ لها في أصول النخل حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها)(5) . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل بعض النساء ليتعرفن بعض ما يخفى من العيوب ، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوج امرأة فبعث امرأة لتنظر إليها فقال : ( شمي عوارضها وانظري إلى عرقوبيها ) (6) . حرمة الخلوة بالمخطوبة لقد اعتاد كثير من أولياء الأمور - في فترة الخطبة - أن يسمحوا للخاطب أن يخلوا مع مخطوبته ويسهر معها ويخرج معها إلى الأسواق من غير محرم ؛ بحجة أن كلا من الخاطبين يقوم بدراسة أخلاق الآخر ويتعرف عليه ؛ ليكون الزواج ناجحا، وهذا توهم لا صحة له ؛ لأن كلا الطرفين يتصنع أمام الآخر بما ليس فيه من الأخلاق الحسنة في هذه الفترة ، ولا تظهر الحقيقة إلا بعد الزواج !! واسمع لهذه المرأة وهي تعاتب زوجها : لِمَ أيها الغالي تخلف بيننــــا نهب الأسى وتميت روح شبابِ أين العبارات التي زخرفتها يوم الزفاف وأين لين خطـاب أين ادعاؤك للوفاء وأينمــــا أعطيتني من موعد خــــلاب يا عابثا بمشاعري يا باخـلا بسعادتي يا متقنا إغضابــــي لِمَ أيها الغالي سجنتَ بلابلي وغدوت تسمعني نعيق غــراب وتركتني في درب حزن ينتهــي بخطاي سرداب إلى ســرداب يا ويح أحلامي التي طرزتــها في خيمة مبتورة الإطنــــاب نصبت على وهل فما طابت لنــا سكنا ولا سلمت من الأوصــاب ما الناس إلا في القلوب فإن يمت خفقانها فالناس كالأخشــــاب فالخلوة محرمة في وقت الخطبة ؛ لأن الخطبة وعد بالزواج وليست عقد زواج ولا يترتب عليها أي آثار شرعية ولا قانونية ؛ لذا تبقى أجنبية ومحرمة عليه لحين عقد الزواج . التهاون في الخلوة بعد عقد القران وخطر ذلك لقد سئلت مرات عديدة- بحكم عملي كمأذون شرعي للعقود- عن جواز الخلوة بمن عقد عليها وجواز الاستمتاع بها دون المباشرة ؟ وكنت أقول لمن يسأل : لا شك أن المرأة بعد عقد القران تصبح زوجةً لمن عقد عليها ، حيث يترتب على ذلك آثار شرعية ، فإن طلقها قبل الدخول فلها نصف المهر ، وإن مات أحدهما ورثه الآخر ..... ولكن بما أن المخطوبة لم تنتقل بعد إلى بيت زوجها ، ولم يتم الدخول بها وبما أنها ما زالت في بيت أهلها ووليها ؛ فلا ينبغي التهاون في قضية الخلوة ، وخلقا وأدبا أن لا يحدث شيء بينهما ، بل ودينا ألم يقل عز وجل في محكم التنزيل : ( َلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (7) . ثم هل تضمن الفتاه أن يبقى هذا الزواج قائما ؟ فإذا فسخَ الزوجُ هذا الزواجَ ماذا يحدث بها ؟! فإن كان جوابها : نعم أضمن استمرار هذا الزواج لثقتي به جدا ؛ فهو ابن عمي أو عمتي أوخالي .... . فلتجب على السؤال التالي: هل تضمنين حياته لحين انتقالك إلى بيته ؟! لا شك أنها ستجيب : بلا ؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله ، ولا تعلم نفس بأي أرض تموت!! . ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (8)!! فماذا يحدث لكِ بعد ذلك إن تعرضتِ لضياع شرفكِ وفساد عفافكِ وإهدار كرامتكِ ؟ لا شك الندم الكبير، والخسارة العظمى ..... فمن يهتم يومئذ بكِ ؟؟ ! ومن يسأل عنكِ ؟؟ ! ومن يتجرع مرارة عاركِ ؟؟ ! ومن يمحي الوصمة التي على جبينكِ ؟؟ ! ومن الذي يزيل الخزي والعار من حياتكِ ؟؟ ! . اترك الجواب لكل فتاه عاقلة رزينة ......... وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم بقلم الدكتور أنس العمايرة الهوامش
(1) [رواه مسلم برقم : 1424 وغيره] . (2) [أي : تدوم بينكما المودة والعشرة] . (3) سنن ابن ماجة برقم : 1866 وفي رواية له بلفظ ( أحرى) برقم :1865وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم : 859 . (4) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط برقم : 911، وكنز العمال برقم : 44525 وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم : 507 . (5) سنن أبي داود برقم : 2082، وأحمد برقم 14626 ، والمستدرك على الصحيحين برقم : 2696 وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه . (6) أحمد برقم : 13448، والبيهقي في سنن الكبرى برقم : 13279 ، وكنز العمال برقم :44575 ، ومسند عبد ابن حميد برقم :1388 ، والمستدرك على الصحيحين برقم :2699 وقال:هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجا . قال ابن منظور:(والعَوارِضُ:الثَّنايا سُمِيت عَوارِضَ لأَنها فـي عُرْضِ الفَم. و العَوارِضُ:ما وَلِـيَ الشِّدْقَـيْنِ من الأَسنان، وقـيل: هي أَرْبع أَسْنان تَلـي الأَنـيابَ ثم الأَضْراسُ تَلـي العَوارِضَ. وقال اللـحيانـي: العَوارِضُ من الأَضْراسِ، وقـيل: عارِضُ الفَمِ ما يبدو منه عند الضحك؛ وقال شمر في شرح الحديث:(هي الأَسنان التـي فـي عُرْضِ الفم وهي ما بـين الثنايا والأَضراس، وأحدها عارضٌ،أَمَرَها بذلك لتَبُورَ به نَكْهَتَها وريح فَمِها أَطَيِّبٌ أَم خَبـيث) . انظر: لسان العرب:7/180.أما (عرقوبيها) فيقول ابن منظور:(عقب عقب:عَقِبُ كُلِّ شيءٍ،و عَقْبُه،و عاقِبتُه،و عاقِبُه، و عُقْبَتُه، و عُقْباهُ،و عُقْبانُه:آخِرُه....... والـجمعُ: العَواقِبُ ......و أَعقابٌ، لا يُكَسَّر علـى غير ذلك. ..... و عَقِبُ القَدَم و عَقْبُها: مؤَخَّرُها، مؤنثة، مِنْه.... وفـي الـحديث:أَنه بَعَثَ أُمَّ سُلَـيْم لتَنْظُرَ له مرأَةً،فقال:انْظُري إِلـى عَقِبَـيْها،أَو عُرقُوبَـيها؛قـيل:لأَنه إِذا اسْودَّ عَقِباها، اسودَّ سائرُ جَسَدها)انظر:لسان العرب 1/611. (7) البقرة : 189. (8) الزمر : 42 . |
أدوات الموضوع | |
|
|